منتديات عشتار برس الثقافية
اهلا بك زائرنا الكريم في منتديات عشتار برس الإخبارية يسرنا ان تكون معنا
أعطر الأمنيات
سارع في التسجيل
منتديات عشتار برس الثقافية
اهلا بك زائرنا الكريم في منتديات عشتار برس الإخبارية يسرنا ان تكون معنا
أعطر الأمنيات
سارع في التسجيل
منتديات عشتار برس الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الملك مرداس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د.حسن نعيم إبراهيم
المدير العام
المدير العام
د.حسن نعيم إبراهيم


عدد المساهمات : 401
تاريخ التسجيل : 28/04/2016
العمر : 68

الملك مرداس Empty
مُساهمةموضوع: الملك مرداس   الملك مرداس Emptyالسبت مايو 14, 2016 10:06 am



الملك مرداس
للكاتب البولندي ( ستان سلاف ليم )

أرتقى العرش بعد الملك الصالح هلكساندر إبنه مرداس . وهذا أمر أقلق الجميع . فمرداس كان طموحاً وخائفاً أيضاً . عزم على أن يلحق بإسمه لقب العظيم . وكانت خشيته كبيرة من تيارات الهواء والأقرباء والأرواح والشمع

فالمرء قد يكسر رجله على أرضية مطلية بالشمع . أما الأقرباء فيضايقون المرء في الحكم . وأكثر ما كان يخشاه هو النبوءات . وعندما نصّب على العرش أمر بغلق الأبواب والنوافذ وتحطيم صناديق التنبؤ ، أما مخترعو الماكينة التي تطرد الأرواح فقد منحهم الأوسمة الرفيعة والرواتب الكبيرة . في الواقع كانت الماكينة جيّدة . فمرداس لم ير أبداً أي روح . كذلك لم يخرج الى الحديقة خوفاً من الريح . كان يتنزه في القصر الذي كان كبيراً للغاية . وفي أحد الأيام قادته النزهة في أروقة القصر وأجنحته إلى قسم قديم لم يكن قد رآه من قبل . في البدء إكتشف صالة وقف فيها حرس جدّّ جدّ جدّه . كان حرساً أدير زنبركه ويعود الى تلك الأزمان التي لم يكن قد عرف فيها الكهرباء . في صالة أخرى شاهد فرساناً يعملون على البخار . كانوا صدئين أيضاً . إلا أن ذلك لم يثر إهتمامه . كان على وشك العودة حين إنتبه إلى باب صغير كتب عليه (ممنوع الدخول) . كان الباب مغطى بطبقة كثيفة من الغبار . ولم يكن في نية مرداس حتى لمسه لو لم تكن هناك تلك الكتابة . فقد أثارت غضبه . كيف يمنعوه وهو الملك ؟ كيف يجرؤون على منعه عن أمر ؟ فتح الباب بدون صعوبة. وعن طريق سلالم حلزونية وصل الى برج مهجور رأى فيه صندوقاً نحاسياً قديماً مطعماً بالياقوت وذا غطاء بقفل صغير . أدرك أنه صندوق تنبؤ . غضب ثانية . فالصندوق بقي في القصر رغم أوامره . إلا أنه طرأت على ذهنه فكرة أن يجرّب ولو مرة واحدة كيف يبدو الأمر حين يتنبأ الصندوق . وهكذا إقترب منه على أطراف أصابعه وأدار المفتاح . وعندما لم يحدث شيء ضرب بيده الغطاء
تنهّد الصندوق وشخر ثم أحدثت آلته صريراً ونظرت العين الياقوتية إلى الملك كأنها أصيبت بالحول ، وذكرّه ذلك بالنظرة الشحرورية لعمّه سيناندر الذي كان يبدو مريباً . فكَّر أن عمّه أمر بوضع الصندوق في هذا المكان لكي يغيظه ، وإذا لم يكن الأمر بهذه الصورة لماذا أصاب الحول هذا الصندوق ؟ تسرب العجب الى نفسه بينما أخذ الصندوق وهويئن يعزف لحناً قاتماً كما لو أن أحدهم طرق بفأس هنا وهناك غطاء قبر من معدن . بعدها خرجت من الغطاء ورقة سوداء عليها سطور مصفرة كالعظام القديمة . ولقد ذعر الملك تماماً إلا أنه لم يعرف السيطرة على فضوله . إختطف الورقة وركض الى جناحه في القصر . عندما إختلى بنفسه أخرج الورقة من جيبه ، وحدث نفسه هامساً : لأنظر بعين واحدة ، من باب التأكد . إذن قرر وفعل . على الورقة كان مكتوباً : دقت الساعة ، حصد أرواح الأهل ، الأخ أخيه أو عمته ، وإبن الخال إبن الخال ، القدر يغلي ، يأتي إبن الأخ ، النقرس يفترس الصهر والجلاد قريب منه ، القريب البعيد يعبر السور و بعده الثاني والثالث والحشد كله ، يذهبون الى الحرب ، أوه ، ستكون دغدغدة ، تأتي الحفيدة ويأتي أب الزوج ، انا أريك كيف تدفنهم ، إقطع اليسرى و خز اليمنى ، فهنا العمّ وهناك الخال وليكن زوج الأم من هو قادر ، وفي رأس إبنها سيكون شرخ ، يستلقي زوج الإبنة ، خمسة قبور ، يسقط أب الزوجة ، ستة قبور ، أنشوطة للجدّ ، أنشوطة للجدّة ، أنشوطة للعمّ ، هكذا ينبغي ، فالأقرباء ولو أنهم حزانى ، مأمونو الجانب تحت الأرض ، دقت الساعة ، الأهل الحشرات ، التسلق على ظهر من أختير ، إدفنه وفق الأصول وإختف أنت في كل مكان ، إن لم تختف قبلهم في الحلم فهم سيدفنوك
أصاب الذعر الملك مرداس ، وأظلمت الدنيا في عينيه وندم على الطيش الذي دفعه الى إدارة صندوق التنبؤ ، إلا أن وقت الندم فات . ورأى أن ساعة العمل قد أزفت كي لا يحدث الأسوأ . لم يكن يشك بمغزى النبوءة . فقد إرتاب من وقت بعيد بأن الأقرباء خطرون عليه . والحق يقال إن ما حدث لم يكن معروفاً بهذه الدقة التي نرويه بها . على أي حال جاءت أحداث محزنة بل فظيعة . أمر الملك بقطع رؤوس أفراد العائلة كلهم ماعدا رأس العم سيناندر الذي إستطاع أن يهرب في اللحظة الأخيرة متنكراً كبيانو ميكانيكي قديم . الا أنه أخفق وسرعان ما قبضوا عليه ووضعوا رأسه تحت فأس الجلاد . وهذه المرة إستطاع مرداس أن يوّقع على الحكم بالموت بضمير مطمئن . فقد قبض على العم متلبساً بجريمة التآمر على العرش . أما الملك الذي أصابه اليتم فجأة ، فقد إرتدى ملابس الحداد . لكن هذا الحداد الملكي الرائق لم يستمر طويلاً . فقد خطر ببال مرداس أن يكون هناك أقارب آخرون لم يسمع بهم . فكل واحد من رعيته يمكن أن يكون أحد الأقارب البعيدين . ومن وقت الى أخر قطع رأس هذا ورأس ذاك إلا أن قطع الرؤوس لم يدخل الطمأنينة إلى نفسه. فالمرء لايمكن أن يكون ملكاً من دون رعية . وكيف يمكن إفناء الجميع ؟ لقد أصبح مرتاباً إلى حد أنه أصدر أمراً بخياطته الى العرش كي لايقدر أي أحد على إزاحته عنه . كان ينام وعلى رأسه طربوش مدّرع . وطيلة الوقت كان يفكر بما ينبغي عمله . في الأخير قام بأمرخارق لدرجة أنه لم يكن من صنعه . ويقال إن تاجراً متجولاً همس به في أذن الملك . وكانت الأقوال متضاربة هنا . قيل إن حراس القصر شاهدوا شبحاً مقنعاً أدخله الملك إلى جناحه ليلاً . لكننا نكتفي بهذا القدر من الأقاويل . دعا الملك في أحد الأيام جميع البنائين البلاطيين وصناع الفرسان الكهربائيين وضابطي الآلات وغيرهم . أخبرهم أن عليهم أن يضاعفوا حجمه كي يتجاوز الأفاق كلها . وقد نفذت الأوامر بسرعة مدهشة ، فالملك عيّن الجلاد ذا الخدمات الكثيرة مديراً لمكتب التصاميم . وبدأ عدد كبير من الصناع والبناة بنقل الأسلاك والمعدات الى القصر . وعندما ملأ الملك المكبّر القصر كله لكي يكون في الواجهة والأقبية والطوابق جاء دور الأبنية المجاورة . وبعدها بعامين إحتل مرداس بحجمه الخرافي وسط المدينة . وكانت البيوت هناك عادية لاتصلح لسكن فكر الملك فيها . هكذا سوّيت بالأرض وبنيت مكانها قصور ألكترونية سميّت بمقوّيات مرداس
أخذ الملك ينمو ببطء ويصبح كثير الطوابق موصولاً بدقة و تقوّيه محطات فرعية ، وفي النهاية صار العاصمة كلها . غير أنه لم يتوقف عند حدودها . كذلك فمزاجه إعتدل . لم يكن هناك أقارب ولم يخش الشمع إذ لم يكن بحاجة إلى القيام و لو بخطوة واحدة طالما أنه كان ، في الوقت نفسه ، في كل مكان (الدولة انا) لم يقلها إعتباطاً . فالعاصمة لم يسكن فيها أي أحد عدا مرداس الذي إحتل بصفوف كهربائية ، البنايات والساحات والممرات . لم يكن عداه غير مزيلي الغبار الملكي ومستخدمي البارود من الحرس الملكي . كانوا يسهرون على التفكير الملكي الذي سال من مبنى الى آخر، وطاف رضا الملك مرداس أميالاً في المدينة كلها حتى أنه نجح في كسب العظمة دنيوياً وبكل معنى الكلمة ، والأكثر من ذلك ، الإختباء في كل مكان وكما جاء في النبوءة ، ذلك أنه كان حاضراً في كل مكان ، في الدولة كلها . كان المنظر زاهياً . عند الغروب حين غمز الملك ، العملاق بالأضواء ، التأملات وكأنها وهج من نيران وبعدها ينطفيء ببطء غاطاً في نوم يستحقه . إلا أن هذا الظلام ، ظلام النسيان في الساعات الأولى في الليل فسح المكان لإلتماعات متقطعة هنا وهناك . هذا الأمر أخذ يقض مضجع الملك . وبدأت الأشباح تتدفق مثل إنهيارات الثلج الجبلي العاصفة ، عبر المباني التي أخذت في الظلمة تشتعل نوافذها ، والشوارع كلها أخذت تشتعل بالأحمر تارة والبنفسجي تارة أخرى . ومزيلو الغبار الذين كانوا يتنقلون على الأرصفة الخالية وهم يشمون رائحة إحتراق كابلات صاحب الجلالة يسترقون النظر الى النوافذ . كانوا يهمسون : أوهو ، أكيد أن كابوساً ينهك مرداس ، دعاؤنا أن لاتنزل صاعقته على رؤوسنا . وبعد يوم مليء بالعمل ، فكر الملك في إحدى الليالي بأنواع جديدة من الأوسمة التي يزمع منحها لنفسه . وفكر بأن عمّه سيناندر وصل خلسة الى العاصمة تحت جنح الظلام وهو يرتدي لباساً أسود ويطوف الشوارع بحثاً عن انصار ومؤيدين في مؤامرة كريهة ، ومن الأقبية ظهرت صفوف من الناس المقنعين . كان عددهم كبيراً . وأبدوا مثل هذه الشهوة في إغتيال الملك لدرجة أن مرداس إرتعش وافاق من رعبه الطاغي
كان الفجر قد بزغ ، والشمس ذَهَّبت الغيوم البيض الصغيرة في السماء . هكذا قال لنفسه : حلم .. شبح . وبعدها أخذ يعمل في التصميم التالي للأوسمة . أما تلك الأوسمة التي إبتكرها في اليوم السابق فقد علقوها على الشرفات والسطوح . وعندما أوى الى الفراش بعد تعب النهار كله وأغمض عينيه رأى مؤامرة قتل الملك في كل نضجها . وحصل هذا الأمر على الصورة التالية : حين إستيقظ مرداس من النوم المتآمر لم يكن قد إستيقظ كله . فوسط المدينة الذي يرتع فيه الحلم المعادي للدولة لم يستقيظ بعد ، بل مازل مستلقياً في أحضان الحلم الكابوسية إلا أن الملك لم يفقه المسألة في يقظته . وآنذاك كان الجزء الأكبر منه أي الوسط القديم للمدينة والذي يدرك أن العمّ الآثم ومؤامراته وتحركاته هي مجرد هذيان نوم وأوهام ، يغط في كابوسه الجنوني . في الليلة الثانية رأى مرداس في النوم العمّ يتلصص بصورة محمومة ويحرّض الأقرباء . كانوا قد ظهروا كلهم ومفاصلهم الميتة تحدث صريراً حتى أن أولئك الذين تنقصهم أهم الاجزاء رفعوا السيوف ضد الحاكم الشرعي ، وكانت الحركة غير عادية وزرافات المقنعين تردد همساً هتافات التمرد ، وفي الأقبية خاطوا الرايات السود ، وفي كل مكان كان السمّ يغلي و الفؤوس تشحذ ، وأعدّت المنشورات السموم ، وجرى الإستعداد للإنتقام النهائي من مرداس المقيت . أصاب الملك الذعر الى حد فظيع . إستيقظ مرتعش الجسد وأراد أن يدعو الباب العالي للفم الملكي وجميع جيوشه كي تعينه وترفع المتمردين على أسنة الحراب ، لكنه أدرك عدم جدوى الأمر. فالجيوش لاتدخل نومه ولايمكنها أن تقمع المؤامرة التي كانت تنضج هناك . خلال فترة من الوقت حاول بقواه الخاصة أن يوقظ هذه الأميال المريعة الأربعة من أناه والتي كانت تواصل الحلم بالمؤامرة . ولكن هيهات . في الأخير لم يعرف ، والحق يقال ، أن ذلك كان عبثاً أم لا . فحين شعر بيقظته لم يلحظ المؤامرة التي كانت تظهر حين يدركه النوم . وفي يقظته لم يجد له منفذاً الى المناطق المتمردة . لايمكن النفاذ الى هناك إلا بحلم آخر . ووجد الملك أنه من الأفضل أن يغفو ويملك حلماً مناوئاً ليس بالعادي بل ملكياً موال له وبرفقة الرايات الخفاقة ، حلماً تاجياً متحلقاً حول العرش قادراً على أن يزيل بالبارود الكابوس المتمرد
بدا مرداس العمل . الا أنه لم يغفو من شدة الرعب . بدأ يعدّ الحصى . ساعده العدّ وغفا أخيراً . تبين حينها أن الحلم بالعمّ الذي يقود الآخرين لم يتحصن فقط في الأحياء المركزية بل أخذ ينتشر في مخازن العتاد المليئة بالقنابل الضخمة والألغام المفتتة . بذل مرداس جهده إلا أنه لم يستطع أن يحلم بأكثر من فصيل واحد من الفرسان حتى أنه ليس لأغراض القمع وكل سلاحه أغطية القدور . فكر : لاحيلة لي في الأمر . لم أفلح . ينبغي البدء من جديد . هكذا أخذ يتهيأ الى اليقظة . غير أن الأمر لم يكن سهلاً . وفي الأخير إستيقظ تماماً . إنتابته حينها الريبة بشكل فظيع ، فهل هو عاد إلى اليقظة أم أنه يوجد في حلم آخر ليس هو إلا مظهراً زائفاً لليقظة ؟ ما العمل في مثل هذا الوضع الغامض ؟ أن تحلم أو لا تحلم ؟ تلك هي القضية . ولنقل إنه سوف لن يحلم الآن . سيشعر بالطمانينة . ففي اليقظة لاتوجد أي مؤامرة . سوف لن تكون الحال سيئة : حينها سيحلم بالحلم قاتل الملك إلى النهاية وعندها ستستعيد الجلالة تجانسها المطلوب . جيّد جداً . وإذا لم يحلم بحلم مناويء ويوهم نفسه أنه موجود في يقظة هادئة بينما هذه اليقظة المزعومة هي حلم آخر حقاً يجاور حلم العمّ وقد يؤدي الى الكارثة . وفي كل لحظة قد تغادر شرذمة قاتلي الملك الملعونين وعلى رأسها سيناندر الكريه ، ذلك الحلم وتقتحم هذا الحلم متظاهرة بأنها يقظة لكي تحرمه من العرش والحياة . وفكر : أكيد سيحصل هذا الشيء في الحلم لكن إذا إنتشرت المؤامرة في كل الذات الملكية وعاثت فيها من الجبال الى المحيطات ، وإذا لم يرد أبداً أن يستيقظ فماذا سيحصل آنذاك؟ سأكون إلى الأبد مفصولاً عن اليقظة ، والعم سيفعل بي ما يشاء . سيعذبني ويهينني . والأكثر من ذلك هناك العمّات . أنا اتذكرهن جيداً ، لا ، سوف لن يغفرن في جميع الأحوال . هكذا هنّ ، بالأحرى هنّ إذاً ما زلن في هذا الحلم الفظيع . وفي الأخير ما الفائدة من الكلام عن الحلم . الحلم موجود حيث توجد اليقظة التي لايمكن العودة إليها لكن في أي مكان لاتوجد ،وكيف أقدر على العودة إذا إستطاعوا إبقائي في الحلم ؟ وفي المكان الذي لايوجد فيه أي شيء عدا الحلم يكون هو الواقع الوحيد أي أنه اليقظة . فظاعة . كل شيء ، وهو أمر مفهوم ، سببه الإفراط في الشخصية وهذا التوّسع الروحي . كأنني كنت بحاجة الى كل هذا
وفي دوامة يأسه ، رأى أن الجمود قد يضيعه . وأدرك أن الإنقاذ الوحيد في الإستنفار النفسي الفوري . وخاطب نفسه : من الضروري أن اتصرف كما لو أنني في الحلم . ينبغي أن أحلم بحشود الرعية التي يملؤها الحب والحماس . أن أحلم بمتطوعين للعمل مخلصين الى النهاية يموتون وهم يلهجون بإسمي ، أن أحلم بكثير من السلاح . ومن الأجدى أن يخترع سلاح ما رائع خاصة أن كل شيء ممكن في الحلم ، وليكن وسيلة دفاع لخدع الأقرباء أو مدفعاً ضد العمّ أو أي شيء من هذا القبيل . فبهذه الطريقة سأكون مستعداً امام كل مؤامرة ، و إذا ظهرت المؤامرة بمكر وغدر من حلم إلى آخر فسأهشمها بضربة واحدة . زفر الملك مرداس بجميع طرق ذاته وساحاتها ، ولكم كان ذلك معقداً . وبدأ العمل أي النوم . وفي الحلم كان على الرؤوساء الفولاذيين أن يقفوا على شكل مربعات وفي المقدمة الجنرالات المتقدمون في السن ثم الجموع الهاتفة وسط قرع الطبول . لكن بدل ذلك ظهرت صوملة صغيرة . لاشيء عدا هذه الصوملة العادية تماماً وذات الحواف التالفة . والآن ماذا سأفعل بها ؟ أخذ يقلب الأمر من كل الجهات ونما فيه قلق معيّن أخذ يكبر ومعه غثيان وهلع حتى برقت في رأسه الفكرة : الصوملة تعني الجثة . إرتعش كله . إذن هي رمز السقوط والتفسخ والموت . وشرذمة الأقرباء تسعى متلصصة عبر قنوات حفرت في الحلم كي تصل الى هذا الحلم . إذاً بدأ خطر النهاية ، الموت ، الفناء ، لكن من أين ؟ وكيف ؟ ومن أي الجهات ؟ وإلتمعت عشرة آلاف من المباني الشخصية وإهتزت المحطات الفرعية للجلالة المعلقة عليها الأوسمة والمحزومة بالأشرطة ، وهذه النياشين كانت ترنّ في هواء الليل كالأجراس ومرداس يعاني ويعاني من الرمز الحلمي للسقوط
في الأخير تمالك النفس كأن شيئاً لم يحدث . أخذ يعاين المسألة : أين هو ؟ في اليقظة أم في كوابيس أخرى ؟ وإذا كان في اليقظة فأين اليقين ؟ وفي الأخير قد يكون الحلم بالعمّ قد إنتهى وبه نهاية الهموم . إلا أن المعضلة ما زالت هي : أين اليقين ؟ لامخرج إلا باللجوء إلى "الأحلام الجواسيس" التي تتظاهر بأنها إنقلابيون وتتغلغل في شخصه ودولة ذاته . لكن هيهات للملك الروح أن يعرف الطمانينة . فالمؤامرة تقف بالمرصاد دائماً ، ستنام في زاوية مجهولة من شخصه الهائل . إذن لنواصل ، ربما تتبرعم الأحلام بخضوع الرعية ، بالوفود والجحافل التي تنيرها روح سيادة القانون والهجوم بالأحلام على الظلمات والجحور وزوايا الذات كي لايختفي هناك أي عمل غادر ، أيّ عمّ ولو للحظة واحدة . غمر قلبه بشكل ما خفق الرايات ولم يكن هناك أي أثر للعم والأقرباء أيضاً . ولم يكن يحيطه سوى الإخلاص والإمتنان وآيات التبجيل بدون إنقطاع . كان يسمع ضرب الميداليات الذهبية والشرارات التي تشتعل تحت الأزاميل التي ينحت بها الفنانون تماثيله . سرّت نفسه حين رأى الأعلام المطرّزة والسجاجيد في النوافذ والمدافع مهيّأة للإطلاق والأبواق النحاسية التي إلتصقت بها أفواه النافخين . الا أنه حين أمعن النظر إكتشف أن الأمر ليس على ما يرام تماماً . التماثيل ، نعم ، ولكنها لاتشبههه كثيراً ، ففي إكفهرارالوجه والنظرة الشحرورية شيء من العمّ . الرايات ضاجة ، هذا صحيح ، لكن هناك شريطاً صغيراً مبهماً . إنه أسود تماماً . وإذا لم يكن أسود فهو متسخ وفي كل الأحوال قليلاً . ما هو الأمر؟ أهو غمز ولمز؟ رباه ، هذه السجاجيد بدون فروة . إنها صلعاء . والعمّ أصلع ، هذا غير ممكن ، إلى الوراء إستدر ! العودة ! إستيقظ ! اليقظة ، نفير الإيقاظ ، أغربوا عن هذا الحلم ! أراد أن يزعق إلا أنه حين إختفت هذه الأشياء لم تصلح الحال . فقد تخلص من حلم كي يقع في شراك حلم آخر ، كان يحلم ، بدوره ، بالحلم السابق وهذا بالذي سبقه ، وهكذا
كان الحلم الجديد الجذر المكعّب. كل شيء إنقلب في داخله الى خيانة سافرة ، الرايات الملكية صارت سوداء والأوسمة كانت ذات لوالب كأنها أعناق مقطوعة ، ومن الأبواق لم تنطلق أي موسيقى للقتال بل ضحكة العمّ كرعد يذبحه شرّ ذبحة . وصاح الملك بصوت يعادل مائة ناقوس ، بالجيش كله كي يوقظه : أقرصوني ! وطالب بصوت مريع : اليقظة!! اليقظة !! لكن هيهات . فقد تضاعفت الأحلام فيه كالكلاب . كانت تتراكض فيه كالجرذان . ومرت متلصصة عدوى الكابوس في المباني المذعورة من نفسها ، وكان يخرج منه مائة ألف من الأقرباء المطالبين بالعرش رغم أن الجميع لم يعرفوا : هل هم كائنات حالمة أم هي موضع الحلم ومن يحلم وبمن ولماذا وماهي النتيجة ، الا أنهم جميعاً بلا إستثناء يتربصون بمرداس كي يقطع رأسه ، كي يخلع عن العرش ، كي يشنق في برج الأجراس ، كي يقتل مرة ويبعث مرتين . وهم لم يفعلوا أي شيء ولأنهم لم يتفقوا على أمر واحد : من أين البدء ؟ بهذه الصورة تبعثرت الأفكار الملكية المهولة ، ثم سقط مرداس في مائة ألف حلم لارابط بينها غير الحريق . وإحترق مرداس طويلاً
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ashtarpress.blogspot.com/
 
الملك مرداس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات عشتار برس الثقافية :: مقهى الأخبارالغريبة والعلوم العجيبة والموروث الشعبي-
انتقل الى: