منتديات عشتار برس الثقافية
اهلا بك زائرنا الكريم في منتديات عشتار برس الإخبارية يسرنا ان تكون معنا
أعطر الأمنيات
سارع في التسجيل
منتديات عشتار برس الثقافية
اهلا بك زائرنا الكريم في منتديات عشتار برس الإخبارية يسرنا ان تكون معنا
أعطر الأمنيات
سارع في التسجيل
منتديات عشتار برس الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د.حسن نعيم إبراهيم
المدير العام
المدير العام
د.حسن نعيم إبراهيم


عدد المساهمات : 401
تاريخ التسجيل : 28/04/2016
العمر : 68

قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم ) Empty
مُساهمةموضوع: قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم )   قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم ) Emptyالإثنين مايو 02, 2016 3:07 pm


قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم ) Tem94710


خاتم النبيين وأمام المرسلين

نسب النبي صلى الله عليه وسلم

محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . إلى هنا معلوم الصحة . وما فوق عدنان مختلف فيه . ولا خلاف أن عدنان من ولد إسماعيل ، واسماعيل هو الذبيح على القول الصواب ، والقول بأنه إسحاق باطل . ولا خلاف أنه صلى الله عليه وسلم ولد بمكة عام الفيل ، وكانت وقعة الفيل تقدمة قدمها الله لنبيه وبيته ، وإلا فأهل الفيل نصارى أهل كتاب ، دينهم خير من دين أهل مكة ، لأنهم عباد أوثان ، فنصرهم الله نصراً لا صنع للبشر فيه

وفاة عبد الله والد رسول الله

اختلف في وفاة أبيه : هل توفي بعد ولادته أو قبلها ؟ الأرجح أن والده توفى وهو لايزال حملاً في بطن أمه . ولا خلاف أن أمه ماتت بين مكة والمدينة بالأبواء ، والتي توجهت إليها قادمة من المدينة بعد زيارة أخوال الرسول ، ولم يستكمل إذ ذاك ست سنين . فكفله جده عبد المطلب ، ورق عليه رقة لم يرقها على أولاده ، فكان لا يفارقه ، وما كان أحد من ولده يجلس على فراشه -إجلالاً له- إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .وقدم مكة قوم من بني مدلج من القافة ، فلما نظروا إليه قالوا لجده : احتفظ به ، فلم نجد قدماً أشبه بالقدم الذي في المقام من قدمه ، فقال لأبي طالب : اسمع ما يقول هؤلاء ، واحتفظ به .وتوفي جده في السنة الثامنة من مولده ، وأوصى به إلى أبي طالب

أبو طالب عم رسول الله

تولى أبو طالب تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعد جده كما تقدم ، ورق عليه رقة شديدة ، وكان يقدمه على أولاده . قال الواقدي : قام أبو طالب -من سنة ثمان من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السنة العاشرة من النبوة - يحوطه ويقوم بأمره ويذب عنه ، ويلطف به . وقال أبو محمد بن قدامة : كان يقر بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وله في ذلك أشعار . ولكنه أبى أن يدين بذلك خشية العار ، ولما حضرته الوفاة : دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم -وعنده أبو جهل ، وعبد الله بن أبي أمية- فقال : يا عم ! قل : لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله، فقالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل صلى الله عليه وسلم يرددها عليه ، وهما يرددان عليه حتى كان آخر كلمة قالها : هو على ملة عبد المطلب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فأنزل الله تعالى : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " ، ونزل قوله تعالى : " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " الآية . خلف أبو طالب أربعة ذكور وابنتين . فالذكور : طالب ، وعقيل ، وجعفر ، وعلي ، وبين كل واحد عشر سنين . فطالب أسنهم ، ثم عقيل ، ثم جعفر ، ثم علي . فأما طالب : فأخرجه المشركون يوم بدر كرهاً ، فلما انهزم الكفار طلب ، فلم يوجد في القتلى ، ولا في الأسرى ، ولا رجع إلى مكة ، وليس له عقب . وأما عقيل : فأسر ذلك اليوم ، ولم يكن له مال . ففداه عمه العباس ، ثم رجع إلى مكة . فأقام بها إلى السنة الثامنة ، ثم هاجر إلى المدينة . فشهد مؤتة مع أخيه جعفر ، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : "وهل ترك لنا عقيل من منزل" . استمرت كفالة أبي طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بلغ اثنتي عشرة سنة - وقيل : تسعاً - خرج به أبو طالب إلى الشام في تجارة ، فرآه بحيرى الراهب ، وأمر عمه أن لا يقدم به الشام ، خوفاً عليه من اليهود ، فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى المدينة

خروجه إلى الشام وزواجه خديجة

فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة : خرج إلى الشام في تجارة لخديجة رضي الله عنها ، ومعه ميسرة غلامها ، فوصل بصرا . ثم رجع فتزوج عقب رجوعه خديجة بنت خويلد . وهي أول امرأة تزوجها ، وأول امرأة ماتت من نسائه ، وأمره جبريل : أن يقرأ عليها السلام من ربها ويبشرها ببيت في الجنة من قصب

تعبُّده في غار حراء

ثم حبب إليه الخلاء ، والتعبد لربه ، فكان يخلو بغار حراء يتعبد فيه . وبغضت إليه الأوثان ودين قومه ، فلم يكن شئ أبغض إليه من ذلك . وأنبته الله نباتاً حسناً ، حتى كان أفضل قومه مروءة ، وأحسنهم خلقاً ، وأعزهم جواراً ، وأعظمهم حلماً ، وأصدقهم حديثاً ، وأحفظهم للأمانة . حتى سماه قومه الأمين لما جمع الله فيه من الأحوال الصالحة ، والخصال الكريمة المرضية

بناء الكعبة

ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين سنة أرادت قريش أن تعيد بناء الكعبة فاختلفت قال أهل السير : كان أمر البيت - بعد إسماعيل عليه السلام - إلى ولده . ثم غلبت جرهم عليه ، فلم يزل في أيديهم حتى استحلوا حرمته ، وأكلوا ما يهدى إليه
وظلموا من دخل مكة ، ثم وليت خزاعة البيت بعدهم ، إلا أنه كان لقبائل مضر ثلاث خلال : كانوا يبيحوا للناس ارتداء الصوف لدى نفرتهم من عرفات إلى مزدلفة والثانية : الإفاضة من جمع ، غداة النحر إلى منى وكان ذلك إلى يزيد بن عدوان والثالثة : إنساء الأشهر الحرم أي تأخير الأشهر الحرم ليجيزوا لأنفسهم القتال فيها وكان ذلك إلى رجل من بني كنانة يقال له حذيفة ، ثم صار إلى جنادة بن عوف . قال ابن إسحاق : ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين سنة ، جمعت قريش لبنيان الكعبة ، وكانوا يهمون بذلك ليسقفوها ، ويهابون هدمها ، وإنما كانت رضماً فوق القامة . فأرادوا رفعها وتسقيفها . وذلك أن قوماً سرقوا كنز الكعبة ، وكان في بئر في جوف الكعبة ، وكان البحر قد رمى سفينة إلى جدة لرجل من تجار الروم ، فتحطمت فأخذوا خشبها فأعدوه لسقفها . وكان بمكة رجل قبطي نجار ، فهيأ لهم بعض ما كان يصلحها ، وكانت حية تخرج على بئر الكعبة التي كان يطرح فيه ما يهدى لها كل يوم ، فتتشرق على جدار الكعبة ، وكانت مما يهابون ، وذلك أنه كان لا يدنو منها أحد إلا وكشت وفتحت فاها . فبينما هي ذات يوم تتشرق على جدار الكعبة ، بعث الله إليها طائراً فاختطفها ، فذهب بها . فقالت قريش : إنا لنرجو أن يكون الله قد رضي ما أردنا ، عندنا عامل رفيق ، وعندنا خشب ، وقد كفانا الله الحية . فلما أجمعوا أمرهم في هدمها وبنائها . قام أبو وهب بن عمرو بن عائذ المخزومي فتناول من الكعبة حجراً ، فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه ، فقال : يا معشر قريش ! لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيباً لا يدخل فيها مهر بغي ولا بيع ربا ولا مظلمة أحد من الناس . ثم إن قريشاً تجزأت الكعبة فكان شق الباب : لبني عبد مناف وزهرة . وما بين الركن الأسود واليماني : لبني مخزوم ، وقبائل من قريش انضافت إليهم . وكان ظهر الكعبة : لبني جمح وبني سهم . وكان شق الحجر : لبني عبد الدار ، ولبني أسد بن عبد العزى ، ولبني عدي ، وهو الحطيم . ثم إن الناس هابوا هدمها ، فقال الوليد بني المغيرة : أنا أبدؤكم في هدمها ، فأخذ المعول ، ثم قام عليها ، وهو يقول : اللهم لا ترع اللهم إنا لا نريد إلا الخير . ثم هدم من ناحية الركنين . فتربص الناس تلك الليلة ، وقالوا : إن أصيب ، لم نهدم منها شيئاً ، ورددناها كما كانت ، وإلا فقد رضي الله ما صنعنا ، فأصبح الوليد من ليلته غادياً على عمله ، فهدم وهدم الناس معه. حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس -أساس إبراهيم عليه السلام- أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنة ، آخذ بعضها بعضاً ، فأدخل بعضهم عتلة بين حجرين منها ليقلع بها أحدهما . فلما تحرك الحجر : انتفضت مكة بأسرها ، فانتهوا عند ذلك الأساس . ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها ، كل قبيلة تجمع على حدة . ثم بنوها ، حتى بلغ البنيان موضع الحجر الأسود . فاختصموا فيه ، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه ، حتى تحاوروا وتحالفوا ، وأعدوا للقتال ، فقربت بنو عبد الدار جفنة ، مملوءة دماً . تعاهدوا -هم وبنو عدي بن كعب- على الموت ، وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم . فسموا لعقة الدم ، فمكثت قريش على ذلك أربع ليال ، أو خمساً . ثم اجتمعوا فتشاوروا وتناصفوا . فزعم بعض أهل الرواية : أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي -وكان يومئذ أسن قريش كلهم- قال : اجعلوا بينكم أول من يدخل من باب المسجد . ففعلوا ، فكان أول من دخل : رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما رأوه ، قالوا :هذا الأمين ، رضينا به ، هذا محمد ، فلما انتهى إليهم أخبروه الخبر. فقال صلى الله عليه وسلم : هلم إلي ثوباً ، فأتي به . فأخذ الركن فوضعه فيه بيده . ثم قال : لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ، ثم ارفعوا جميعاً ففعلوا، حتى إذا بلغوا به موضعه : وضعه هو بيده صلى الله عليه وسلم ، ثم بنى عليه . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم الحجارة . وكانوا يرفعون أزرههم على عواتقهم . ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعثر به وطاح على وجهه ونودي : استر عورتك، فما رؤيت له عورة بعد ذلك . فلما بلغوا خمسة عشر ذراعاً سقفوه على ستة أعمدة . وكان البيت يكسى القباطي . ثم كسي البرود . وأول من كساه الديباج : الحجاج بن يوسف .وأخرجت قريش الحجر لقلة نفقتهم ، ورفعوا بابها عن الأرض ، لئلا يدخلها إلا من أرادوا . وكانوا إذا أرادوا أن لا يدخلها أحد لا يريدون دخوله : تركوه حتى يبلغ الباب ، ثم يرمونه . فلما بلغ صلى الله عليه وسلم أربعين سنة : بعثه الله بشيراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه سراجاً منيراً
بدء الوحي إلى رسول الله
يتبع




عدل سابقا من قبل د.حسن نعيم إبراهيم في الثلاثاء مايو 17, 2022 4:57 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ashtarpress.blogspot.com/
د.حسن نعيم إبراهيم
المدير العام
المدير العام
د.حسن نعيم إبراهيم


عدد المساهمات : 401
تاريخ التسجيل : 28/04/2016
العمر : 68

قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم )   قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم ) Emptyالإثنين مايو 02, 2016 3:10 pm


الهجرة الثانية إلى الحبشة
فلما قرب مهاجرة الحبشة من مكة ، وبلغهم أمرهم ، توقفوا عن الدخول . ثم دخل كل رجل في جوار رجل من قريش . ثم اشتد عليهم البلاء والعذاب من قريش وسطت بهم عشائرهم ، وصعب عليهم ما بلغهم عن النجاشي من حسن جواره ، فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى الحبشة مرة ثانية ، فخرجوا . وكان عدة من خرج في المرة الثانية : ثلاثة وثمانين رجلاً ومن النساء تسع عشرة امرأة . فلما سمعوا بهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلاً ، ومن النساء ثمان . ومات منهم رجلان بمكة ، وحبس سبعة ، وشهد بدراً منهم أربعة وعشرون رجلاً
حماية أبي طالب لرسول الله
ولما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزايد أمره ويقوى ، ورأوا ما صنع أبو طالب به. مشوا إليه بعمارة بن الوليد، فقالوا : يا أبا طالب ، هذا أنهد فتى في قريش وأجمله ، فخذه وادفع إلينا هذا الذي خالف دينك ودين آبائك فنقتله ، فإنما هو رجل برجل . فقال : بئسما تسومونني ، تعطوني ابنكم أربيه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه ؟ فقال المطعم بن عدي بن نوفل : يا أبا طالب ! قد أنصفك قومك ، وجهدوا على التخلص منك بكل طريق . قال : والله ما أنصفتموني ، ولكن أجمعت على خذلاني، فاصنع ما بدا لك . وقال أشراف مكة لأبي طالب : إما أن تخلي بيننا وبينه فنكفيكه ، فإنك على مثل ما نحن عليه ، أو أجمع لحربنا ، فإنا لسنا بتاركي ابن أخيك على هذا ، حتى نهلكه أو يكف عنا . فقد طلبنا التخلص من حربك بكل ما نظن أنه يخلص . فبعث أبو طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : يا ابن أخي ! إن قومك جاؤوني وقالوا : كذا وكذا ، فأبق علي وعلى نفسك ، ولا تحملني ما لا أطيق أنا ولا أنت ، فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك . فقال صلى الله عليه وسلم : والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري ، ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله ، أو أهلك في طلبه، فقال: امض على أمرك، فوالله لا أسلمك أبداً . ودعا أبو طالب أقاربه إلى نصرته فأجابه بنو هاشم وبنو المطلب غير أبي لهب
موت خديجة وأبي طالب
وماتت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها بعد موت أبي طالب بأيام ، فاشتد البلاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه بعد موت خديجة وعمه ، وتجرؤوا عليه ، وكاشفوه بالأذى ، وأرادوا قتله ، فمنعهم الله من ذلك . قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : "حضرتهم ، وقد اجتمع أشرافهم في الحجر، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا : ما رأينا مثل صبرنا عليه ، سفه أحلامنا ، وشتم آباءنا ، وفرق جماعتنا ، فبينما هم في ذلك ، إذ أقبل ، فاستلم الركن ، فلما مر بهم غمزوه" . وفي حديث : أنه قال لهم في الثانية : "لقد جئتكم بالذبح"، وأنهم قالوا له : يا أبا القاسم ! ما كنت جهولاً ، فانصرف راشداً . فلما كان من الغد اجتمعوا ، فقالوا : ذكرتم ما بلغ منكم ، حتى إذا أتاكم بما تكرهون تركتموه . فبينما هم كذلك . إذ طلع عليهم ، فقالوا : قوموا إليه وثبة رجل واحد ، فلقد رأيت عقبة بن أبي معيط آخذاً بمجامع ردائه ، وقام أبو بكر دونه وهو يبكي ، يقول : أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ؟ وفي حديث أسماء : "فأتى الصريخ إلى أبي بكر ، فقالوا : أدرك صاحبك ، فخرج من عندنا وله غدائر أربع ، فخرج وهو يقول : ويلكم ، أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ؟ فلهوا عنه ، وأقبلوا على أبي بكر ، فرجع إلينا لا يمس شيئاً من غدائر إلا رجع معه" . ومرة كان يصلي عند البيت ، ورهط من أشرافهم يرونه ، فأتى أحدهم بسلى جزور ، فرماه على ظهره . وكانوا يعلمون صدقه وأمانته ، وأن ما جاء به هو الحق ، لكنهم كما قال تعالى : " فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون " . وذكر الزهري : أن أبا جهل ، وجماعة معه ، وفيهم الأخنس بن شريق ، استمعوا قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل، فقال الأخنس لأبي جهل : يا أبا الحكم ! ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ فقال : تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف ، أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تجاثينا على الركب ، وكنا كفرسي رهان ، قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء ! فمتى ندرك هذا ؟ والله لا نسمع له أبداً ، ولا نصدقه أبداً . وفي رواية : إني لأعلم أن ما يقول حق ، ولكن بني قصي قالوا : فينا الندوة ، فقلنا : نعم ، قالوا : فينا السقاية ، فقلنا: نعم، وذكر نحوه
خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف
ولما اشتد البلاء من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعد موت عمه ، خرج إلى الطائف ، رجاء أن يؤووه وينصروه على قومه ، ويمنعوه منهم ، حتى يبلغ رسالة ربه ، ودعاهم إلى الله عز وجل ، فلم ير من يؤوي ولم ير ناصراً ، وآذوه أشد الأذى
نالوا منه ما لم ينل منه قومه ، وكان معه زيد بن حارثة مولاه . فأقام بينهم عشرة أيام ، لا يدع أحدا من أشرافهم إلا كلمه ، فقالوا : اخرج من بلدنا . وأغروا به سفهاءهم ، فجعلوا يرمونه بالحجارة ، وبكلمات من السفه ، هي أشد وقعاً من الحجارة ، حتى دميت قدماه ، وزيد بن حارثة يقيه بنفسه ، حتى أصابه شجاج في رأسه فانصرف إلى مكة محزوناً . وفي مرجعه ذلك دعا بالدعاء المشهور : "اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، أنت رب المستضعفين ، وأنت ربي ، إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ، أو إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك هي أوسع لي . أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة : أن يحل علي غضبك أو ينزل بي سخطك . لك العتبى حتى ترضى . ولا حول ولا قوة إلا بك" . فأرسل ربه تبارك وتعالى إليه ملك الجبال ، يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة -وهما جبلاها اللذان هي بينهما- فقال : "بل أستأني بهم ، لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده ، لا يشرك به شيئاً" . فلما نزل بنخلة في مرجعه ، قام يصلي من الليل ما شاء الله ، فصرف الله إليه نفراً من الجن ، فاستمعوا قراءته ، ولم يشعر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل عليه : " وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن " إلى قوله : " أولئك في ضلال مبين " .وأقام بنخلة أياماً ، فقال زيد بن حارثة رضي الله عنه : كيف تدخل عليهم ، وقد أخرجوك ؟ -يعني قريشاً- فقال : يا زيد ! إن الله جاعل لما ترى فرجاً ومخرجاً، وإن الله ناصر دينه ، ومظهر نبيه . ثم انتهى إلى مكة ، فأرسل رجلاً من خزاعة إلى المطعم بن عدي : أدخل في جوارك ، فقال : نعم ، فدعا المطعم بنيه وقومه ، فقال : البسوا السلاح ، وكونوا عند أركان البيت ، فإني قد أجرت محمداً ، فلا يهجه منكم أحد . فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الركن فاستلمه ، وصلى ركعتين ، وانصرف إلى بيته ، والمطعم بن عدي وولده محدقون به في السلاح ، حتى دخل بيته
الإسراء والمعراج
ثم أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس راكباً على البراق بصحبه جبريل عليه السلام . فنزل هناك ، وصلى بالأنبياء إماماً وربط البراق بحلقة باب المسجد . ثم عرج به إلى السماء الدنيا ، فرأى فيها آدم ، ورأى أرواح السعداء عن يمينه ، والأشقياء عن شماله ، ثم إلى الثانية ، فرأى فيها عيسى ويحيى . ثم إلى الثالثة ، فرأى فيها يوسف . ثم إلى الرابعة ، فرأى فيها إدريس . ثم إلى الخامسة ، فرأى فيها هارون . ثم إلى السادسة ، فرأى فيها موسى . فلما جاوزه بكى ، فقيل له : ما يبكيك ؟ قال : أبكي أن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخل من أمتي . ثم عرج به إلى السماء السابعة ، فلقي فيها إبراهيم . ثم إلى سدرة المنتهى . ثم رفع إلى البيت المعمور ، فرأى هناك جبريل في صورته ، له ستمائة جناح ، وهو قوله تعالى : " ولقد رآه نزلة أخرى*عند سدرة المنتهى " . كلمه ربه وأعطاه ما أعطاه ، وأعطاه الصلاة ، فكانت قرة عين رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه ، وأخبرهم اشتد تكذيبهم له ، وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس . فجلاه الله له حتى عاينه . وجعل يخبرهم به ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئاً وأخبرهم عن عيرهم التي رآها في مسراه ومرجعه ، وعن وقت قدومها ، وعن البعير الذي يقدمها . فكان كما قال فلم يزدهم ذلك إلا ثبوراً ، وأبى الظالمون إلا كفوراً
الهجرة إلى المدينة
وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين في الهجرة إلى المدينة ، فبادروا إليها . وأول من خرج : أبو سلمة بن عبد الأسد، وزوجته أم سلمة ، ولكنها حبست عنه سنة ، وحيل بينها وبين ولدها ، ثم خرجت بعد هي وولدها إلى المدينة . ثم خرجوا أرسالاً ، يتبع بعضهم بعضاً . ولم يبق منهم بمكة أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، وعلي -أقاما بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما- وإلا من احتبسه المشركون كرهاً . وأعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جهازه ، ينتظر متى يؤمر بالخروج . وأعد أبو بكر جهازه
تآمر قريش بدار الندوة على قتل رسول الله
فلما رأى المشركون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تجهزوا وخرجوا بأهليهم إلى المدينة ، عرفوا أن الدار دار منعة ، وأن القوم أهل بأس . فخافوا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيشتد أمره عليهم . فاجتمعوا في دار الندوة ، وحضرهم إبليس في صورة شيخ من أهل نجد ، فتذاكروا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأشار كل منهم برأي
والشيخ يرده ولا يرضاه ، إلى أن قال أبو جهل : قد فرق لي فيه برأي ، ما أراكم وقعتم عليه ، قالوا : ما هو ؟ قال : أرى أن نأخذ من كل قبيلة من قريش غلاماً جلداً ، ثم نعطيه سيفاً صارماً ، ثم يضربونه ضربة رجل واحد ، فيتفرق دمه في القبائل . فلا تدري بنو عبد مناف بعد ذلك ما تصنع ، ولا يمكنها معاداة القبائل كلها ، ونسوق ديته . فقال الشيخ : لله در هذا الفتى ، هذا والله الرأي ، فتفرقوا على ذلك . فجاء جبريل ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة . وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر نصف النهار -في ساعة لم يكن يأتيه فيها- متقنعاً ، فقال : أخرج من عندك، فقال : إنما هم أهلك يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قد أذن لي في الخروج، فقال أبو بكر : الصحبة يا رسول الله ‍قال : نعم، فقال أبو بكر : فخذ بأبي أنت وأمي إحدى راحلتي هاتين ، فقال : بالثمن . وأمر علياً أن يبيت تلك الليلة على فراشه . واجتمع أولئك النفر يتطلعون من صير الباب ، ويرصدونه ويأتمرون:أيهم يكون أشقاها؟ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فأخذ حفنة من البطحاء فذرها على رؤوسهم وهو يتلو:"وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون"،وأنزل الله:"وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ".ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي بكر ، فخرجا من خوخة في بيت أبي بكر ليلاً ، فجاء رجل ، فرأى القوم ببابه ، فقال : ما تنتظرون ؟ قالوا : محمداً . قال : خبتم وخسرتم ، قد والله مر بكم ، وذر على رؤوسكم التراب . قالوا : والله ما أبصرناه . وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم . فلما أصبحوا قام علي رضي الله عنه عن الفراش ، فسألوه عن محمد ؟ فقال : لا علم لي به . ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى غار ثور ، فنسجت العنكبوت على بابه . وكانا قد استأجرا عبد الله بن أريقط الليثي ، وكان هادياً ماهراً -وكان على دين قومه- وأمناه على ذلك ، وسلما إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث . وجدت قريش في طلبهما ، وأخذوا معهم القافة ، حتى انتهوا إلى باب الغار ، فوقفوا عليه ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ! لو أن أحدهم نظر إلى ما تحت قدميه لأبصرنا . فقال : "ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ لا تحزن إن الله معنا" . وكانا يسمعان كلامهم ، إلا أن الله عمى عليهم أمرهما . وعامر بن فهيرة يرعى غنماً لأبي بكر ، ويتسمع ما يقال عنهما بمكة، ثم يأتيهما بالخبر ليلاً ، فإذا كان السحر سرح مع الناس . قالت عائشة : فجهزناهما أحث الجهاز ، وصنعنا لهما سفرة في جراب ، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها، فأوكت به فم الجراب ، وقطعت الأخرى عصاماً للقربة ، فبذلك لقبت ذات النطاقين . ومكثا في الغار ثلاثاً ، حتى خمدت نار الطلب ، فجاءهما ابن أريقط بالراحلتين فارتحلا
قصة أم معبد
ثم "مروا بخيمة أم معبد الخزاعية وكانت امرأة وكانت امرأة قوية صابرة تعيش في خيمة تطعم وتسقي من يمر بها ، فسألاها : هل عندها شئ يشترونه ؟ فقالت: والله لو عندنا شئ ما أعوزكم القرى ، والشاء عازب وكانت شهباء فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في الخيمة ، فقال : ما هذه الشاة ؟ قالت : خلفها الجهد عن الغنم ، فقال : هل بها من لبن ؟، قالت : هي أجهد من ذلك ، قال : أتأذنين لي أن أحلبها ؟، قالت : نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حليباً فاحلبها، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ضرعها ، وسمى الله ودعا فامتلأت ضرعها عليه ودرت فدعا بإناء فحلب فيه حتى علته الرغوة ، فسقاها فشربت حتى رويت ، وسقى أصحابه حتى رووا ، ثم شرب هو ، وحلب فيه ثانياً فملأ الإناء، ثم غادره عندها وارتحلوا . فما لبثت أن جاء زوجها يسوق أعنزاً عجافاً هزالاً فلما رأى اللبن قال : من أين هذا؟ والشاء عازب ، ولا حلوبة في البيت . قالت : لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك ، من حديثه : كيت وكيت ، قال : والله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلبه ، صفيه لي يا أم معبد . قالت : ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه ، حسن الخلق ، لم تعبه ثجلة ، ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم في عينيه دعج ، وفي أشفاره وطف ، وفي صوته صحل ، وفي عنقه سطع ، وفي لحيته كثاثة أحور أكحل أزج أقرن، شديد سواد الشعر، إذا تكلم علاه البهاء ، أجمل الناس وأبهاه من بعيد ، وأحسنه وأحلاه من قريب ، حلو المنطق ، فصل ، لا تزر ولا هذر ، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن ، ربعة لا تقتحمه عين من قصر ، وتشنؤه من طول ، غصن بين غصنين ، فهو أنضر الثلاثة منظراً ، وأحسنهم قدراً ، له رفقاء يحفون به ، إذا قال استمعوا لقوله ، وإذا أمر تبادروا إلى أمره ، محفود محشود ، لا عابس ولا مفند ".قال أبو معبد : هذا والله صاحب قريش الذي تطلبه ، ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن ، إن وجدت إلى ذلك سبيلاً . وأصبح صوت عال بمكة يسمعونه ، ولا يرون القائل ..يقول
جزى الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي أم معبد


هما نزلا بالبر وارتحلا به

فأفلح من أمسى رفيق محمد


فيا لقصي ما زوى الله عنكمو

به من فخار لا يحاذى وسؤدد


وقد غادرت وهناً لديها بحالب

يرد بها في مصدر ثم يورد


سلوا أختكم عن شاتها وإنائها؟

فإنكموا إن تسألوا الشاة تشهد


دعاها بشاة حائل فتحلبت

له بصريح ضرة الشاة مزبد


لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم

وقدس من يسري إليه ويغتدي


ترحل عن قوم فزالت عقولهم

وحل على قوم بنور مجدد


هداهم به -بعد الضلالة-ربهم

وأرشدهم من يتبع الحق يرشد


وقد نزلت منه على أهل يثرب

ركاب هدى حلت عليهم بأسعد


نبي يرى ما لا يرى الناس حوله

ويتلو كتاب الله في كل مشهد


وإن قال في يوم مقالة غائب

فتصديقها في ضحوة اليوم أوغد


ليهن أبا بكر سعادة جده

بصحبته من يسعد الله يسعد

ويهن بني كعب مكان فتاتهم

ويقعدها للمؤمنين بمرصد

قالت أسماء بنت أبي بكر : مكثنا ثلاث ليال لا ندري أين توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ إذ أقبل رجل من الجن من أسفل مكة يتغنى بأبيات غناء العرب ، والناس يتبعونه ، ويسمعون منه ولا يرونه ، حتى خرج من أعلى مكة ، فعرفنا أين توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت : ولما خرج أبو بكر احتمل معه ماله ، فدخل علينا جدي أبو قحافة -وقد ذهب بصره - فقال : إني والله لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه . قلت : كلا والله ، قد ترك لنا خيراً . وأخذت حجارة ، فوضعتها في كوة البيت . وقلت : ضع يدك على المال . فوضعها ، وقال : لا بأس ، إن كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن . قالت : والله ما ترك لنا شيئاً ، وإنما أردت أن أسكت الشيخ
قصة سراقة بن مالك
فلما أيس المشركون منهما جعلوا لمن جاء فيهما دية كل واحد منهما ، لمن يأتي بهما أو بأحدهما ، فجد الناس في الطلب ، والله غالب على أمره . فلما مروا بحي مدلج مصعدين من قديد ، بصر بهم رجل فوقف على الحي ، فقال : لقد رأيت آنفاً أسودة ما أراها إلا محمداً وأصحابه . ففطن بالأمر سراقة بن مالك ، فأراد أن يكون الظفر له ، وقد سبق له من الظفر ما لم يكن في حسابه ، فقال: بل هما فلان وفلان، خرجا في طلب حاجة لهما . ثم مكث قليلاً ، ثم قام فدخل خباءه ، وقال لجاريته : اخرجي بالفرس من وراء الخباء وموعدك وراء الأكمة . ثم أخذ رمحه وخفض عاليه يخط به الأرض حتى ركب فرسه ، فلما قرب منهم ، وسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر يكثر الالتفات ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلتفت- قال أبو بكر : يا رسول الله ! هذا سراقة بن مالك قد رهقنا . فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت يدا فرسه في الأرض ، فقال : قد علمت أن الذي أصابني بدعائكما ، فادعوا الله لي ، ولكما أن أرد الناس عنكما . فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخلصت يدا فرسه ، فانطلق . وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن يكتب له كتاباً ، فكتب له أبو بكر بأمره في أديم . وكان الكتاب معه إلى يوم فتح مكة ، فجاء به ، فوفى له رسول الله صلى الله عليه وسلم . فرجع ، فوجد الناس في الطلب ، فجعل يقول : قد استبرأت لكم الخبر ، وقد كفيتم ها هنا ، فكان أول النهار جاهداً عليهما ، وكان آخره حارساً لهما
دخول رسول الله المدينة
يتبع



عدل سابقا من قبل د.حسن نعيم إبراهيم في الثلاثاء مايو 17, 2022 4:58 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ashtarpress.blogspot.com/
د.حسن نعيم إبراهيم
المدير العام
المدير العام
د.حسن نعيم إبراهيم


عدد المساهمات : 401
تاريخ التسجيل : 28/04/2016
العمر : 68

قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم )   قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم ) Emptyالإثنين مايو 02, 2016 3:12 pm

دخول رسول الله المدينة
ولما بلغ الأنصار مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة ، كانوا يخرجون كل يوم إلى الحرة ينتظرونه [أول النهار]، فإذا اشتد حر الشمس رجعوا إلى منازلهم ، فلما كان يوم الإثنين ثاني عشر ربيع الأول ، على رأس ثلاث عشرة سنة من نبوته خرجوا على عادتهم فلما حمي الشمس رجعوا ، فصعد رجل من اليهود على أطم من آطام المدينة، [لبعض شأنه] فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب ، فصرخ بأعلى صوته : يا بني قيلة ! هذا صاحبكم قد جاء ، هذا جدكم الذي تنتظرونه . فثار الأنصار إلى السلاح ليتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وسمعت الوجبة والتكبير في بني عمرو بن عوف ، وكبر المسلمون فرحاً بقدومه . وخرجوا للقائه ، فتلقوه وحيوه بتحية النبوة ، وأحدقوا به مطيفين حوله . فلما أتى المدينة ، عدل ذات اليمين ، حتى نزل بقباء في بني عمرو بن عوف ، ونزل على كلثوم بن الهدم -أو على سعد بن خيثمة- فأقام في بني عمرو بن عوف أربع عشرة ليلة ، وأسس مسجد قباء ، وهو أول مسجد أسس بعد النبوة . "فلما كان يوم الجمعة ركب ، فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف ، فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي ، ثم ركب ، فأخذوا بخطام راحلته ، يقولون : هلم إلى القوة والمنعة والسلاح . فيقول : خلوا سبيلها ، فإنها مأمورة، فلم تزل ناقته سائرة، لا يمر بدار من دور الأنصار ، إلا رغبوا إليه في النزول عليهم ، فيقول : دعوها فإنها مأموة ، فسارت حتى وصلت إلى موضع مسجده اليوم ، فبركت . ولم ينزل عنها ، حتى نهضت وسارت قليلاً ، ثم رجعت وبركت في موضعها الأول ، فنزل عنها وذلك في بني النجار ، أخواله صلى الله عليه وسلم" . وكان من توفيق الله لها ، فإنه أحب أن ينزل على أخواله يكرمهم ، فجعل الناس يكلمونه في النزول عليهم . وبادر أبو أيوب خالد بن زيد إلى رحله ، فأدخله بيته ، فجعل رسول الله صلى الله عليه قال ابن عباس : كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فأمر بالهجرة ، وأنزل الله عليه : " وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا " ، والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم : أن لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان ، فسأل الله سلطاناً نصيراً ، فأعطاه . قال البراء : "أول من قدم علينا : مصعب بن عمير ، وابن أم مكتوم . فجعلا يقرئان الناس القرآن ، ثم جاء عمار بن ياسر ، وبلال، وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين راكباً ، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما رأيت الناس فرحوا بشئ كفرحهم به ، حتى رأيت النساء والصبيان والإماء يقلن : قدم رسول الله ، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم" . قال أنس : "شهدته يوم دخل المدينة ، فما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من اليوم الذي دخل المدينة علينا ، وشهدته يوم مات ، فما رأيت يوماً قط كان أقبح ولا أظلم من يوم مات" . فأقام في بيت أبي أيوب حتى بنى حجره ومسجده .وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو في منزل أبي أيوب- زيد بن حارثة ، وأبا رافع ، وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم إلى مكة ، فقدما عليه بفاطمة وأم كلثوم ابنتيه ، وسودة بنت زمعة زوجه ، وأسامة بن زيد ، وأم أيمن . وأما زينب فلم يمكنها زوجها أبو العاص بن الربيع من الخروج ، وخرج عبد الله بن أبي بكر بعيال أبي بكر ، وفيهم عائشة فنزلوا في بيت حارثة بن النعمان
مؤاخاة النبي بين المهاجرين والأنصار
ثم آخى بين المهاجرين والأنصار ، وكانوا تسعين رجلاً : نصفهم من المهاجرين ، ونصفهم من الأنصار ، آخى بينهم على المواساة ، وعلى أن يتوارثوا بعد الموت ، دون ذوي الأرحام ، إلى وقعه بدر . فلما أنزل الله : " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " ، رد التوارث إلى الأرحام [دون عقد الأخوة] . وقيل : إنه آخى بين المهاجرين بعضهم مع بعض مؤاخاة ثانية ، واتخذ علياً أخاً لنفسه ، والأثبت الأول . وفي الصحيح عن عائشة ، قالت : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهي وبيئة.اللهم فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم "فقال : اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد . اللهم صححها ، وبارك لنا في صاعها ومدها ، وانقل حماها إلى الجحفة ، قالت : فكان المولود يولد في الجحفة ، فلا يبلغ الحلم حتى تصرعه الحمى
تحويل القبلة
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة استقبل بيت المقدس ستة عشر شهراً ، قبلة اليهود. وكان يحب أن يصرفه الله إلى الكعبة ، وقال لجبريل ذلك ، فقال : إنما أنا عبد ، فادع ربك واسأله . فجعل يقلب وجهه في السماء ، يرجو ذلك، حتى أنزل الله عليه : " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام " الآيات . وكان في ذلك حكمة عظيمة ، ومحنة للناس ، مسلمهم وكافرهم . فأما المسلمون ، فقالوا : " يقولون آمنا به كل من عند ربنا " ، وهم الذين هدى الله ، ولم تكن بكبيرة عليهم . وأما المشركون ، فقالوا : " ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها " .وأما المنافقون ، فقالوا : إن كانت القبلة الأولى حقاً ، فقد تركها . وإن كانت الثانية هي الحق ، فقد كان على باطل . ولما كان ذلك عظيماً وطأ الله سبحانه قبله أمر النسخ ، وقدرته عليه ، وأنه سبحانه يأتي بخير من المنسوخ أو مثله . ثم عقب ذلك بالمعاتبة لمن تعنت على رسوله ولم ينقد له ، ثم ذكر بعده : اختلاف اليهود والنصارى ، وشهادة بعضهم على بعض بأنهم ليسوا على شئ ، ثم ذكر شركهم بقولهم : اتخذ الله ولداً . ثم أخبر : أن المشرق والمغرب لله ، فأينما يولي عباده وجوههم فثم وجهه . وأخبر رسوله : أن أهل الكتاب لا يرضون عنه حتى يتبع قبلتهم . ثم ذكر خليله إبراهيم وبناءه البيت بمعاونة ابنه إسماعيل عليهما السلام ، وأنه جعل إبراهيم إماماً للناس ، وأنه لا يرغب عن ملته إلا من سفه نفسه . ثم أمر عباده أن يأتموا به ، وأن يؤمنوا بما أنزل إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وما أنزل إليهم وإلى سائر النبيين . وأخبر : أن الله -الذي يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم- وهو الذي هداهم إلى هذه القبلة التي هي أوسط القبل ، وهم أوسط الأمم ، كما اختار لهم أفضل الرسل ، وأفضل الكتب . وأخبر : أنه فعل ذلك لئلا يكون للناس عليهم حجة إلا الظالمين ، فإنهم يحتجون عليهم بتلك الحجج الباطلة الواهنة التي لا ينبغي أن تعارض الرسل بأمثالها وليتم نعمته عليهم ويهديهم ثم ذكر نعمته عليهم بإرسال الرسول الخاتم وإنزال الكتاب وأمرهم بذكره وشكره ورغبهم في ذلك بأنه يذكر من ذكره ويشكر من شكره وأمرهم بما لا يتم ذلك إلا به وهو الاستعانة بالصبر والصلاة وأخبرهم أنه مع الصابرين
[وقعة بدر الكبرى [يوم الفرقان
لما كان في رمضان بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر العير المقبلة من الشام مع أبي سفيان ، فيها أموال قريش . فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس للخروج إليها ، فخرج مسرعاً في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ، ولم يكن معهم من الخيل إلا فرسان : فرس للزبير ، وفرس للمقداد بن الأسود ، وكان معهم سبعون بعيراً، يركب الرجلان والثلاثة على البعير الواحد، واستخلف على المدينة عبد الله ابن أم مكتوم . فلما كان بالروحاء : رد أبا لبابة بن عبد المنذر ، واستعمله على المدينة . ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير ، والراية إلى علي ، وراية الأنصار إلى سعد بن معاذ . ولما قرب من الصفراء ، بعث بسبس بن عمرو وعدي بن أبي الزغباء إلى بدر يتجسسان أخبار العير . وبلغ أبا سفيان مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري ، وبعثه حثيثاً إلى مكة ، مستصرخاً قريشاً بالنفير إلى عيرهم ، فنهضوا مسرعين . ولم يتخلف من أشرافهم سوى أبي لهب . فإنه عوض عنه رجلاً ودفع له شيئاً من المال ليخرج مكانه . وحشدوا فيمن حولهم من قبائل العرب . ولم يتخلف عنهم من بطون قريش إلا بني عدي ، فلم يشهدها منهم أحد . وخرجوا من ديارهم ، كما قال تعالى : " بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله " ، فجمعهم الله على غير ميعاد ، كما قال تعالى : " ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد " . ولما بلغ رسول الله خروج قريش ، استشار أصحابه ، فتكلم المهاجرون ، فأحسنوا . ثم استشارهم ثانياً ، فتكلم المهاجرون فأحسنوا . ثم ثالثاً ، ففهمت الأنصار : أن رسول الله إنما يعنيهم ، فقال سعد بن معاذ : كأنك تعرض بنا يا رسول الله ! - وكان إنما يعنيهم لأنهم بايعوه على أن يمنعوه في ديارهم - وكأنك تخشى أن الأنصار لا ينصروك إلا في ديارهم وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم فأمض بنا حيث شئت وصل حبل من شئت واقطع حبل من شئت وخذ من أموالنا ما شئت وأعطنا منها ما شئت وما أخذت منها كان أحب إلينا مما تركت فوالله لئن سرت بنا حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك . وقال المقداد بن الأسود لا نقول كما قال قوم موسى لموسى:"فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون"،ولكن نقاتل من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك . فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمع منهم وقال: "سيروا وأبشروا فإن الله وعدني إحدى الطائفتين وإني قد رأيت مصارع القوم".وكره بعض الصحابة لقاء النفير وقالوا : لم نستعد لهم فقال تعالى:" كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون * يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون"إلى قوله:" ولو كره المجرمون".وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر . وخفض أبو سفيان ، فلحق بساحل البحر . وكتب إلى قريش : أن ارجعوا فإنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم ، فأتاهم الخبر ، فهموا بالرجوع ، فقال أبو جهل : والله لا نرجع حتى نقدم بدراً ، فنقيم بها ، نطعم من حضرنا ونسقي الخمر ، وتعزف علينا القيان ، وتسمع بنا العرب ، فلا تزال تهابنا أبداً وتخافنا . فأشار الأخنس بن شريق عليهم بالرجوع ، فلم يفعلوا . فرجع هو وبنو زهرة . فلم يزل الأخنس في بني زهرة مطاعاً بعدها . وأرادت بنو هاشم الرجوع ، فقال أبو جهل : لا تفارقنا هذه العصابة حتى نرجع ، فساروا ، إلا طالب بن أبي طالب ، فرجع . وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل على ماء أدنى مياه بدر ، فقال الحباب بن المنذر: إن رأيت أن نسير إلى قلب كثيرة الماء عذبة ، فننزل عليها . وتغور ما سواها من المياه ؟ وأنزل الله تلك الليلة مطراً واحداً ، صلب الرمل ، وثبت الأقدام ، وربط على قلوبهم . ومشى رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضع المعركة وجعل يشير بيده ، ويقول : هذا مصرع فلان ، هذا مصرع فلان ، هذا مصرع فلان إن شاء الله ، فما تعدى أحد منهم موضع إشارته صلى الله عليه وسلم . فلما طلع المشركون ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها ، جاءت تحادك ، وتكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني . اللهم أحنهم الغداة ، وقام ورفع يديه ، واستنصر ربه ، وبالغ في التضرع ورفع يديه حتى سقط رداؤه . وقال : اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إني أنشدك عهدك ، اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض بعد، فالتزمه أبو بكر الصديق من ورائه ، وقال : حسبك مناشدتك ربك ، يا رسول الله ! فوالذي نفسي بيده لينجزن الله لك ما وعدك . واستنصر المسلمون الله واستغاثوه ، فأوحى الله إلى الملائكة : " أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان " ، وأوحى الله إلى رسوله : " أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين " ، بكسر الدال وفتحها ، قيل : إردافاً لكم ، وقيل : يردف بعضهم بعضاً ، لم يجيئوا دفعة واحدة . فلما أصبحوا أقبلت قريش في كتائبها ، وقلل الله المسلمين في أعينهم ، حتى قال أبو جهل -لما أشار عتبة بن ربيعة بالرجوع، خوفاً على قريش من التفرق والقطيعة ، إذا قتلوا أقاربهم- إن ذلك ليس به ولكنه -يعني عتبة- عرف أن محمداً وأصحابه أكلة جزور ، وفيهم ابنه ، فقد تخوفكم عليه . وقلل المشركين أيضاً في أعين المسلمين ، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً . وأمر أبو جهل عامر بن الحضرمي -أخا عمرو بن الحضرمي- أن يطلب دم أخيه ، فصاح ، وكشف عن استه يصرخ : واعمراه ، واعمراه ، فحمي القوم . ونشبت الحرب . وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف ، ثم انصرف وغفا غفوة ، وأخذ المسلمين النعاس وأبو بكر الصديق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرسه ، وعنده سعد بن معاذ ، وجماعة من الأنصار على باب العريش، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع ، ويتلو هذه الآية : " سيهزم الجمع ويولون الدبر " . ومنح الله المسلمين أكتاف المشركين ، فتناولوهم قتلاً وأسراً ، فقتلوا سبعين ، وأسروا سبعين . وخرج عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن عتبة : يطلبون المبارزة ، فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار ، فقالوا : أكفاء كرام ، ما لنا ما بكم من حاجة ، إنما نريد من بني عمنا . فبرز إليهم حمزة ، وعبيدة بن الحارث بن المطلب ، وعلي بن أبي طالب ، فقتل علي خصمه الوليد الوليد ، وقتل حمزة خصمه الوليد شيبة . واختلف عبيدة وعتبة ضربتين ، كلاهما أثبت صاحبه . فكر حمزة وعلي على قرن عبيدة فقتلاه ، واحتملا عبيدة ، قد قطعت رجله ، فقال : لو كان أبو طالب حياً لعلم أنا أولى منه بقوله
ونسلمه حتى نصرع حوله


ونذهل عن أبنائنا والحلائل



ومات بالصفراء ، وفيهم نزلت : " هذان خصمان اختصموا في ربهم " الآية ، فكان علي رضي الله عنه يقول : "أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الله عز وجل يوم القيامة" . ولما عزمت قريش على الخروج : ذكروا ما بينهم وبين بني كنانة من الحرب ، فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك، فقال: " لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم " ، فلما تعبؤوا للقتال ، ورأى الملائكة : فر ونكص على عقبيه ، فقالوا : إلى أين يا سراقة !؟ فقال : " إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب " . وظن المنافقون ، ومن في قلبه مرض أن الغلبة بالكثرة،فقالوا:"غر هؤلاء دينهم"،فأخبر الله سبحانه : أن النصر إنما هو بالتوكل على الله وحده . ولما دنا العدو قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوعظ الناس ، وذكرهم بما لهم في الصبر والثبات من النصر ، وأن الله قد أوجب الجنة لمن يستشهد في سبيله . فأخرج عمير بن الحمام بن الجموح تمرات من قرنه يأكلهن ، ثم قال : "لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة" ، فرمى بهن ، وقاتل حتى قتل ، فكان أول قتيل . وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ملء كفه تراباً ، فرمى به في وجوه القوم. فلم تترك رجلاً إلا ملأت عينيه ، فهو قوله تعالى: " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " . واستفتح أبو جهل ، فقال : اللهم أقطعنا للرحم ، وآتانا بما لا نعرف ، فأحنه الغداة . ولما وضع المسلمون أيديهم في العدو -يقتلون ويأسرون- وسعد بن معاذ واقف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجال من الأنصار في العريش -رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه سعد الكراهية ، فقال : كأنك تكره ما يصنع الناس ، قال : أجل والله يا رسول الله ! كانت أول وقعة أوقعها الله في المشركين ، وكان الإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال . ولما بردت الحرب ، وانهزم العدو ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ينظر لنا ما صنع أبو جهل؟ ، فانطلق ابن مسعود ، فوجده قد ضربه معوذ وعوف -ابنا عفراء- حتى برد ، فأخذ بلحيته ، فقال : أنت أبو جهل ؟ فقال : لمن الدائرة اليوم ؟ قال : لله ورسوله ، ثم قال له : هل أخزاك الله يا عدو الله ؟ قال : وهل فوق رجل قتله قومه ؟ فاحتز رأسه عبد الله بن مسعود . ثم أتى النبي . فقال:قتلته آلله الذي لا إله إلا هو؟[ثلاثاً] ثم قال:"الحمد لله الذي صدق وعده ، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ، انطلق فأرنيه ، فانطلقنا ، فأريته إياه ، فلما وقف عليه ، قال : هذا فرعون هذه الأمة" . وأسر عبد الرحمن بن عوف أمية بن خلف ، وابنه علياً . فأبصره بلال -وكان أمية يعذبه بمكة- فقال:رأس الكفر أمية ؟ لا نجوت إن نجا ثم استحمى جماعة من الأنصار واشتد عبد الرحمن بهما يحجزهما منهم ، فأدركوهم فشغلهم عن أمية بابنه علي ففرغوا منه ثم لحقوهما فقال له عبد الرحمن:ابرك . فبرك ، وألقى عليه عبد الرحمن بنفسه فضربوه بالسيوف من تحته حتى قتلوه وأصاب بعض السيوف رجل عبد الرحمن وكان أمية قد قال قبل ذاك:من المعلم في صدره بريش النعام؟ فقال له : ذاك حمزة بن عبد المطلب ، قال : ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل . وانقطع يومئذ سيف عكاشة بن محصن ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم جذلاً من حطب ، فلما أخذه وهزه : عاد في يده سيفاً طويلاً ، فلم يزل يقاتل به حتى قتل يوم الردة . ولما انقضت الحرب : أقبل النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقف على القتلى ، فقال : بئس عشيرة النبي كنتم كذبتموني وصدقني الناس وخذلتموني ونصرني الناس وأخرجتموني وآواني الناس . ثم أمر بهم فسحبوا حتى ألقوا في قليب بدر ثم وقف عليهم فقال : "يا عتبة بن ربيعة ! ويا شيبة بن ربيعة ! ويا فلانة ، ويا فلان : هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً ؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً، فقال عمر : يا رسول الله ! ما تخاطب من أقوام قد جيفوا ؟ فقال : ما أنت بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا".ثم ارتحل مؤيداً منصوراً ، قرير العين ، معه الأسرى والمغانم . فلما كان بالصفراء : قسم الغنائم ، وضرب عنق النضر بن الحارث . ثم لما نزل بعرق الظبية ، ضرب عنق عقبة بن أبي معيط . ثم دخل المدينة مؤيداً منصوراً ، قد خافه كل عدو له بالمدينة . فأسلم بشر كثير من أهل المدينة ، ودخل عبد الله بن أبي رأس المنافقين وأصحابه في الإسلام وجملة من حضر بدراً : ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ، واستشهد منهم أربعة عشر رجلاً . قال ابن إسحاق : كان أناس قد أسلموا ، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حبسهم أهلهم بمكة ، وفتنوهم فافتتنوا ، ثم ساروا مع قومهم إلى بدر ، فأصيبوا فأنزل الله فيهم :إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم


غزوة أحد


يتبع




عدل سابقا من قبل د.حسن نعيم إبراهيم في الثلاثاء مايو 17, 2022 4:59 pm عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ashtarpress.blogspot.com/
د.حسن نعيم إبراهيم
المدير العام
المدير العام
د.حسن نعيم إبراهيم


عدد المساهمات : 401
تاريخ التسجيل : 28/04/2016
العمر : 68

قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم )   قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم ) Emptyالإثنين مايو 02, 2016 3:17 pm

غزوة أحد
وقعت في شوال . وذلك أن الله تبارك وتعالى لما أوقع بقريش يوم بدر ، وترأس فيهم أبو سفيان ، لذهاب أكابرهم ، أخذ يؤلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين . ويجمع الجموع ، فجمع قريباً من ثلاثة آلاف من قريش ، والحلفاء والأحابيش . وجاؤوا بنسائهم لئلا يفروا ، ثم أقبل بهم نحو المدينة ، فنزل قريباً من جبل أحد . فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في الخروج إليهم ، وكان رأيه أن لا يخرجوا ، فإن دخلوها قاتلهم المسلمون على أفواه السكك ، والنساء من فوق البيوت ، ووافقه عبد الله بن أبي -رأس المنافقين- على هذا الرأي ، فبادر جماعة من فضلاء الصحابة -ممن فاته بدر- وأشاروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج ، وألحوا عليه . فنهض ودخل بيته، ولبس لأمته ، وخرج عليهم ، فقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخروج . ثم قالوا : إن أحببت أن تمكث بالمدينة فافعل ، فقال : ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه . فخرج في ألف من أصحابه ، واستعمل على المدينة عبد الله بن أم مكتوم . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا : رأى أن في سيفه ثلمة ، وأن بقراً تذبح . وأنه يدخل يده في درع حصينة . فتأول الثلمة : برجل يصاب من أهل بيته ، والبقر : بنفر من أصحابه يقتلون ، والدرع بالمدينة ، فخرج ، وقال لأصحابه : عليكم بتقوى الله ، والصبر عند البأس إذا لقيتم العدو ، وانظروا ماذا أمركم الله به فافعلوا . فلما كان بالشوط -بين المدينة وأحد- انخزل عبد الله بن أبي بنحو ثلث العسكر ، وقال : عصاني . وسمع من غيري ما ندري علام نقتل أنفسنا ها هنا ، أيها الناس ؟ فرجع وتبعهم عبد الله بن عمرو -والد جابر- يحرضهم على الرجوع ، ويقول : قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ، قالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع، فرجع عنهم وسبهم . وسأل نفر من الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستعينوا بحلفائهم من يهود ، فأبى ، وقال : من يخرج بنا على القوم من كثب؟ . فخرج به بعض الأنصار ، حتى سلك في حائط لمربع بن قيظي من المنافقين -وكان أعمى-، فقام يحثو التراب في وجوه المسلمين ، ويقول : لا أحل لك أن تدخل في حائطي ، إن كنت رسول الله . فابتدروه ليقتلوه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقتلوه فهذا أعمى القلب أعمى البصر . ونفذ حتى نزل الشعب من أحد ، في عدوة الوادي الدنيا ، وجعل ظهره إلى أحد ، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم . فلما أصبح يوم السبت تعبأ للقتال ، وهو في سبعمائة ، منهم خمسون فارساً ، واستعمل على الرماة -وكانوا خمسين- عبد الله بن جبير . وأمرهم : أن لا يفارقوا مركزهم ، ولو رأوا الطير تختطف العسكر ، وأمرهم : أن ينضحوا المشركين بالنبل ، لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم . وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين . وأعطى اللواء مصعب بن عمير ، وجعل على إحدى المجنبتين الزبير بن العوام ، وعلى الأخرى : المنذر بن عمرو . واستعرض الشباب يومئذ ، فرد من استصغر عن القتال -كابن عمر ، وأسامة بن زيد ، والبراء ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن ثابت ، وعرابة الأوسي- وأجاز من رآه مطيقاً . وتعبأت قريش ، وهم ثلاثة آلاف . وفيهم مائتا فارس ، فجعلوا ميمنتهم : خالد بن الوليد ، وعلى الميسرة : عكرمة بن أبي جهل . ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه إلى أبي دجانة . وكان أول من بدر من المشركين أبو عامر -عبد عمرو بن صيفي- الفاسق ، وكان يسمى الراهب . وهو رأس الأوس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام شرق به ، وجاهر بالعداوة . فذهب إلى قريش يؤلبهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعدهم : بأن قومه إذا رأوه أطاعوه ، فلما ناداهم ، وتعرف إليهم ، قالوا : لا أنعم الله بك عيناً يا فاسق ، فقال : لقد أصاب قومي بعدي شر . ثم قاتل المسلمين قتالاً شديداً ، ثم أرضخهم بالحجارة . وأبلى يومئذ أبو دجانة، وطلحة، وحمزة، وعلي، والنضر بن أنس، وسعد بن الربيع بلاء حسناً . وكانت الجولة أول النهار للمسلمين ، فانهزم أعداء الله ، وولوا مدبرين ، حتى انتهوا إلى نسائهم ، فلما رأى ذلك الرماة ، قالوا : الغنيمة ، الغنيمة ، فذكرهم أميرهم عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يسمعوا ، فأخلوا الثغر ، وكر فرسان المشركين عليه ، فوجدوه خالياً ، فجاؤوا منه . وأقبل آخرهم حتى أحاطوا بالمسلمين فأكرم الله من أكرم منهم بالشهادة -وهم سبعون- وولى الصحابة . وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجرحوه جراحات ، وكسروا رباعيته . وقتل مصعب بن عمير بين يديه ، فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالب . وأدركه المشركون يريدون قتله ، فحال دونه نحو عشرة حتى قتلوا ، ثم جالدهم طلحة بن عبيد الله حتى أجهضهم عنه ، وترس أبو دجانة عليه بظهره ، والنبل يقع فيه وهو لا يتحرك . وأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان ، فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها بيده ، فكانت أحسن عينيه .وصرخ الشيطان : إن محمداً قد قتل ، فوقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين . فمر أنس بن النضر بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم ، فقالوا : قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : ما تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه . ثم استقبل الناس ، ولقي سعد بن معاذ ، فقال : يا سعد ! إني لأجد ريح الجنة من دون أحد ، فقاتل حتى قتل ، ووجد به سبعون جراحة . قتل وحشي حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، رماه بحربة على طريقة الحبشة . وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المسلمين ، فكان أول من عرفه تحت المغفر : كعب بن مالك ، فصاح بأعلى صوته : يا معشر المسلمين ! هذا رسول الله ، فأشار إليه : أن اسكت ، فاجتمع إليه المسلمون ، ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه . فلما أسندوا إلى الجبل أدركه أبي بن خلف على فرس له ، كان يزعم بمكة : أنه يقتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما اقترب منه طعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترقوته ، فكر منهزماً . فقال له المشركون : ما بك من بأس ، فقال : والله لو كان ما بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعين ، فمات بسرف . وحانت الصلاة ، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً . وشد حنظلة بن أبي عامر على أبي سفيان ، فلما تمكن منه حمل عليه شداد بن الأسود فقتله ، وكان حنظلة جنباً ، فإنه حين سمع الصيحة وهو على بطن امرأته : قام من فوره إلى الجهاد ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الملائكة تغسله . وكان الأصيرم -عمرو بن ثابت بن وقش- يأبى الإسلام ، وهو من بني عبد الأشهل ، فلما كان يوم أحد: قذف الله الإسلام في قلبه للحسنى التي سبقت له . فأسلم وأخذ سيفه ، فقاتل ، حتى أثبتته الجراح ، ولم يعلم أحد بأمره . فلما طاف بنو عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم ، وجدوا الأصيرم -وبه رمق يسير ، فقالوا : والله إن هذا الأصيرم ، ثم سألوه : ما الذي جاء بك ؟ أحدب على قومك ، أم رغبة في الإسلام ؟ فقال : بل رغبة في الإسلام ، آمنت بالله وبرسوله وأسلمت ، ومات من وقته . فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هو من أهل الجنة، ولم يصل لله سجدة قط . "ولما انقضت الحرب : أشرف أبو سفيان على الجبل ، ونادى : أفيكم محمد ؟ فلم يجيبوه ، فقال : أفيكم ابن أبي قحافة ؟ فلم يجيبوه . فقال : أفيكم ابن الخطاب ؟ فلم يجيبوه ، فقال : أما هؤلاء فقد كفيتموهم ، فلم يملك عمر نفسه أن قال : يا عدو الله ! إن الذين ذكرتهم أحياء ، وقد أبقى الله لك منهم ما يسوءك ، ثم قال : اعل هبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تجيبوه ؟، قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : الله أعلى وأجل، ثم قال : لنا العزى ، ولا عزى لكم ، قال : ألا تجيبوه ؟ قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : الله مولانا ، ولا مولى لكم ، ثم قال : يوم بيوم بدر ، والحرب سجال ، فقال عمر : لا سواء ، قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار" . وأنزل الله عليهم النعاس في بدر وفي أحد ، والنعاس في الحرب من الله ، وفي الصلاة ومجالس الذكر : من الشيطان . وقاتلت الملائكة يوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ففي الصحيحين عن سعد ، قال : "رأيت رسول الله يوم أحد ، ومعه رجلان يقاتلان عنه ، عليهما ثياب بيض ، كأشد القتال ، وما رأيتهما قبل ولا بعد" . ومر رجل من المهاجرين برجل من الأنصار -وهو يتشحط في دمه- فقال : يا فلان ! أشعرت أن محمداً قتل ؟ فقال الأنصاري : إن كان قد قتل فقد بلغ ، فقاتلوا عن دينكم ، فنزل : " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل " الآية . وكان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص ، اختبر الله عز وجل به المؤمنين ، وأظهر به المنافقين ، وأكرم فيه من أراد كرامته بالشهادة ، فكان مما نزل من القرآن في يوم أحد : إحدى وستون آية من آل عمران ، أولها : " وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال " الآيات . ولما انصرفت قريش تلاوموا فيما بينهم ، وقالوا : لم تصنعوا شيئاً ، أصبتم شوكتهم ، ثم تركتموه ، وقد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم ، فارجعوا حتى نستأصل بقيتهم . فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنادى في الناس بالمسير إليهم ، وقال : لا يخرج معنا إلا من شهد القتال ، فقال له ابن أبي : أركب معك ؟ قال : لا . فاستجاب له المسلمون -على ما بهم من القرح الشديد- وقالوا : سمعاً وطاعة . وقال جابر : يا رسول الله ! إني أحب أن لا تشهد مشهداً إلا كنت معك ، وإنما خلفني أبي على بناته ، فائذن لي أن أسير معك . فأذن له . فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ، حتى بلغوا حمراء الأسد ، فبلغ ذلك أبا سفيان ومن معه، فرجعوا إلى مكة. وشرط أبو سفيان لبعض المشركين شرطاً على أنه إذا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه : أن يخوفهم ، ويذكر لهم : أن قريشاً أجمعوا للكرة عليكم ليستأصلوا بقيتكم ، فلما بلغهم ذلك قالوا : " حسبنا الله ونعم الوكيل " . ثم دخلت السنة الرابعة . فكانت فيها وقعة خبيب وأصحابه ، في صفر

غزوة الأحزاب

وفي سنة خمس كانت وقعة الخندق في شوال . وسببها : أن اليهود لما رأوا انتصار المشركين يوم أحد ، خرج أشرافهم -كسلام بن أبي الحقيق- وغيره إلى قريش بمكة ، يحرضوهم على غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووعدهم من أنفسهم النصر لهم
فأجابتهم قريش . ثم خرجوا إلى غطفان، فاستجابوا لهم ، ثم طافوا في قبائل العرب يدعونهم إلى ذلك ، فاستجاب لهم من استجاب . فخرجت قريش -وقائدهم أبو سفيان- في أربعة آلاف ، ووافقهم بنو سليم بمر الظهران ، وبنو أسد ، وفزارة ، وأشجع وغيرهم . وكان من وافى الخندق من المشركين : عشرة آلاف . فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيرهم إليه : استشار أصحابه ، فأشار عليه سلمان الفارسي بحفر خندق يحول بين العدو وبين المدينة ، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبادر إليه المسلمون . وعمل فيه بنفسه ، وكان في حفره من آيات نبوته ما قد تواتر الخبر به . وخرج صلى الله عليه وسلم وهم يحفرون في غداة باردة ، فلما رأى ما بهم من الشدة والجوع ، قال : اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة فقالوا مجيبين له : نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا أبداً وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة آلاف من المسلمين ، فتحصن من خلفه بجبل سلع وبالخندق أمامه ، وأمر بالنساء والذراري ، فجعلوا في آطام المدينة [واستخلف عليها ابن أم مكتوم] . وانطلق حيي بن أخطب إلى بني قريظة ، فدنا من حصنهم ، فأبى كعب بن أسد أن يفتح له ، فلم يزل يكتمه حتى فتح له . فلما دخل الحصن ، قال : جئتك بعز الدهر ، جئتك بقريش وغطفان وأسد ، على قاداتها لحرب محمد . قال كعب : بل جئتني والله بذل الدهر ، وجئتني بجهام قد أراق ماءه ، فهو يرعد ويبرق ، وليس فيه شئ . فلم يزل به حتى نقض العهد الذي بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل مع المشركين . وسر بذلك المشركون ، وشرط كعب على حيي : أنهم إن لم يظفروا بمحمد ، أن يجيء حتى يدخل معهم في حصنهم ، فيصيبه ما يصيبهم فشرط ذلك ووفى له . وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر ، فبعث إليهم السعدين -سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة- وخوات بن جبير ، وعبد الله بن رواحة ، ليتعرفوا الخبر . فلما دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكون ، وجاهروهم بالسب ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فانصرفوا ولحنوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحناً ، فعظم ذلك على المسلمين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكبر ، أبشروا ، يا معشر المسلمين . واشتد البلاء، ونجم النفاق ، واستأذن بعض بني حارثة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهاب إلى المدينة ، وقالوا : " إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا " . وأقام المشركون محاصرين رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً ، ولم يكن بينهم قتال ، لأجل الخندق ، إلا أن فوارس من قريش -منهم عمرو بن عبد ود- أقبلوا نحو الخندق . فلما وقفوا عليه قالوا : إن هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها ، ثم تيمموا مكاناً ضيقاً منه ، وجالت بهم خيلهم في السبخة ، ودعوا إلى المبارزة ، فانتدب لعمرو : علي بن أبي طالب ، فبارزه فقتله الله على يدي علي . وكان من أبطال المشركين ، وانهزم أصحابه . ولما طالت هذه الحال على المسلمين أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصالح عيينة بن حصن ، والحارث بن عوف -رئيسي غطفان- على ثلث ثمار المدينة وينصرفا بقومهما ، وجرت المفاوضة على ذلك . واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدين ، فقالا: إن كان الله أمرك ، فسمعاً وطاعة . وإن كان شيئاً تصنعه لنا، فلا. لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك، وعبادة الأوثان، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة ، إلا قرى أو بيعاً . أفحين أكرمنا الله بالإسلام ، وأعزنا بك ، نعطيهم أموالنا ؟ والله لا نعطيهم إلا السيف . فصوب رأيهما ، وقال : إنما هو شئ أصنعه لكم ، لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة . ثم إن الله عز وجل -وله الحمد- صنع أمراً من عنده خذل به العدو. فمن ذلك . أن رجلاً من غطفان -يقال له : نعيم بن مسعود- جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : قد أسلمت ، فمرني بما شئت . فقال : إنما أنت رجل واحد، فخذل عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة . فذهب إلى بني قريظة -وكان عشيراً لهم- فدخل عليهم ، ولا هم يعلمون بإسلامه ، فقال : إنكم قد حاربتم محمداً ، وإن قريشاً إن أصابوا فرصة انتهزوها ، وإلا انشمروا [إلى بلادهم راجعين ، وتركوكم ومحمداً، فانتقم منكم] ، قالوا : فما العمل ؟ قال : لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن . فقالوا : قد أشرت بالرأي . ثم مضى إلى قريش فقال : هل تعلمون ودي لكم ونصحي ؟ قالوا : نعم، قال : إن اليهود قد ندموا على ما كان منهم ، وإنهم قد أرسلوا إلى محمد أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ، ثم يمالئونه عليكم ، فإن سألوكم فلا تعطوهم ، ثم ذهب إلى غطفان ، فقال لهم مثل ذلك . فلما كانت ليلة السبت من شوال بعثوا إلى يهود : إنا لسنا معكم بأرض مقام ، وقد هلك الكراع والخف . فأغدوا بنا إلى محمد حتى نناجزه . فأرسلوا إليهم : إن اليوم يوم السبت ، وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه . ومع هذا فلا نقاتل معكم حتى تبعثوا لنا رهائن . فلما جاءتهم رسلهم قالوا : قد صدقكم والله نعيم ، فبعثوا إليهم . إنا والله لا نبعث إليكم أحداً . فقالت قريظة : قد صدقكم والله نعيم ، فتخاذل الفريقان . وأرسل الله على المشركين جنداً من الريح ، فجعلت تقوض خيامهم ، ولا تدع لهم قدراً إلا كفأتها ، ولا طنباً إلا قلعته ، وجنداً من الملائكة يزلزلون بهم ، ويلقون في قلوبهم الرعب ، كما قال الله : " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها " . وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم حذيفة بن اليمان يأتيه بخبرهم ، فوجدهم على هذه الحال ، وقد تهيئوا للرحيل ، فرجع إليه ، فأخبره برحيلهم . فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق ، راجعاً والمسلمون إلى المدينة ، فوضعوا السلاح . فجاءه جبريل ، وقت الظهر ، فقال : أقد وضعتم السلاح ؟ إن الملائكة لم تضع بعد أسلحتها ، انهض إلى هؤلاء -يعني بني قريظة- فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة . فخرج المسلمون سراعاً ، حتى إذا دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم ، قال : يا إخوان القردة ، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته . وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين ليلة ، حتى جهدهم الحصار ، وقذف الله في قلوبهم الرعب ، فقال لهم رئيسهم كعب بن أسد : إني عارض عليكم خلالاً ثلاثاً ، خذوا أيها شئتم : نصدق هذا الرجل ونتبعه ، فإنكم تعلمون : أنه للنبي الذي تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة . قالوا : لا نفارق حكم التوراة أبداً . قالوا : فاقتلوا أبناءكم ونساءكم واخرجوا إليه مصلتي سيوفكم حتى يحكم الله بينكم وبينه . قالوا : فما ضر العيش بعد أبنائنا ونسائنا ؟ قال : فانزلوا الليلة، فعسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنوكم فيها لأنها ليلة السبت -لعلنا نصيب منهم غرة ، قالوا : لا نفسد سبتنا ، وقد علمت ما أصاب من اعتدوا في السبت . قال : ما بات رجل منكم -منذ ولدته أمه ليلة من الدهر حازماً . ثم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فحكم فيهم سعد بن معاذ فحكم : أن تقتل الرجال ، وتقسم الأموال ، وتسبى النساء والذراري . وأنزل الله في غزوة الخندق صدر سورة الأحزاب ، وذكر قصتهم في قوله : " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم " إلى قوله: " وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم
صلح الحديبية



يتبع


عدل سابقا من قبل د.حسن نعيم إبراهيم في الثلاثاء مايو 17, 2022 4:59 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ashtarpress.blogspot.com/
د.حسن نعيم إبراهيم
المدير العام
المدير العام
د.حسن نعيم إبراهيم


عدد المساهمات : 401
تاريخ التسجيل : 28/04/2016
العمر : 68

قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم )   قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم ) Emptyالإثنين مايو 02, 2016 3:33 pm

صلح الحديبية
ثم دخلت السنة السادسة وفيها كانت وقعة الحديبية ، وعدة الصحابة إذ ذاك ألف وأربعمائة ، وهم أهل الشجرة ، وأهل بيعة الرضوان . خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم معتمراً، لا يريد قتالاً. فلما كانوا بذي الحليفة، قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي، وأشعره ، وأحرم بالعمرة وبعث عيناً له من خزاعة يخبره عن قريش ، حتى إذا كان قريباً من عسفان أتاه عينه ، قال : إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا جموعاً ، وهم مقاتلوك ، وصادوك عن البيت . حتى إذا كان ببعض الطريق ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن خالد بن الوليد بالغميم ، فخذوا ذات اليمين . فما شعر بهم خالد ، حتى إذا هو بغبرة الجيش ، فانطلق يركض نذيراً . وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان في ثنية المرار ، التي يهبط عليهم منها بركت راحلته ، فقال الناس : حل ، حل ، فقالوا : خلأت القصواء، فقال : ما خلأت القصواء ، وما ذاك لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده ! لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها، ثم زجرها فوثبت به ، فعدل حتى نزل بأقصى الحديبية ، على ثمد قليل الماء . فلم يلبث الناس أن نزحوه ، فشكوا إليه . فانتزع سهماً من كنانته ، وأمرهم أن يجعلوه فيه ، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه . وفزعت قريش لنزوله ، فأحب أن يبعث إليهم رجلاً ، فدعا عمر ، فقال : يا رسول الله ! ليس لي بمكة أحد من بني عدي بن كعب يغضب لي إن أوذيت ، فأرسل عثمان ، فإن عشيرته بها ، وإنه يبلغ ما أردت . فدعاه فأرسله إلى قريش ، وقال : أخبرهم : أنا لم نأت لقتال ، وإنما جئنا عماراً ، وادعهم إلى الإسلام ، وأمره أن يأتي رجالاً بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات ، فيبشرهم بالفتح ، وأن الله عز وجل مظهر دينه بمكة ، حتى لا يستخفى فيها بالإيمان . فانطلق عثمان ، فمر على قريش ، فقالوا : إلى أين ؟ فقال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام ، ويخبركم : أنه لم يأت لقتال ، وإنما جئنا عماراً . قالوا : قد سمعنا ما تقول ، فانفذ إلى حاجتك . وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص ، فرحب به ، وحمله على الفرس وأردفه أبان حتى جاء مكة . وقال المسلمون ، قبل أن يرجع : خلص عثمان من بيننا إلى البيت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أظنه طاف بالبيت ونحن محصورون، قالوا : وما يمنعه يا رسول الله ، وقد خلص ؟ قال : ذلك ظني به : أن لا يطوف بالكعبة حتى نطوف معه . واختلط المسلمون بالمشركين في أمر الصلح ، فرمى رجل من أحد الفريقين رجلاً من الفريق الآخر ، فكانت معاركة . وتراموا بالنبل والحجارة ، وصاح الفريقان وارتهن كل منهما من فيهم . وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عثمان قد قتل ، فدعا إلى البيعه ، فتبادروا إليه ، وهو تحت الشجرة ، فبايعوه على أن لا يفروا ، فأخذ بيد نفسه ، وقال : هذه عن عثمان . ولما تمت البيعة رجع عثمان ، فقالوا له : اشتفيت من الطواف بالبيت ، فقال : بئسما ظننتم بي ، والذي نفسي بيده لو مكث بها سنة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ما طفت بها حتى يطوف، ولقد دعتني قريش إلى الطواف فأبيت. فقال المسلمون: رسول الله أعلم بالله ، وأحسننا ظناً . وكان عمر أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم للبيعة ، وهو تحت الشجرة ، فبايعه المسلمون كلهم ، لم يتخلف إلا الجد بن قيس . وكان معقل بن يسار آخذ بغصنها يرفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان أول من بايعه : أبو سنان وهب بن محصن الأسدي . وبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات : في أول الناس ، ووسطهم وآخرهم . فبينا هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة -وكانوا عيبة نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة - فقال : إني تركت كعب بن لؤي ، وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية ، معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك ، وصادوك عن البيت . فقال : إنا لم نجىء لقتال أحد، وإنما جئنا معتمرين . وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب ، وأضرت بهم . فإن شاؤوا ماددتهم ، ويخلوا بيني وبين الناس . فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا، وإن أبوا إلا القتال ، فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي أو لينفذن الله أمره . قال بديل : سأبلغهم ما تقول . فانطلق حتى أتى قريشاً، فقال : إني قد جئتكم من عند هذا الرجل، وسمعته يقول قولاً ، فإن شئتم عرضته عليكم . فقال سفهاؤهم : لا حاجة لنا أن تحدثنا عنه بشئ . وقال ذوو الرأي منهم : هات ما سمعته يقول . قال : سمعته يقول : كذا وكذا . فقال عروة بن مسعود : إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد، فاقبلوها ودعوني آته . فقالوا : ائته . فأتاه ، فجعل يكلمه . فقال له نحواً من قوله لبديل . فقال عروة : أي محمد! أرأيت لو استأصلت قومك ، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك ؟ وإن تكن الأخرى ، فوالله إني لأرى أوشاباً من الناس ، خليقاً أن يفروا ويدعوك . فقال أبو بكر : امصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ قال عروة : من ذا يا محمد !؟ قال : أبو بكر . قال : أما والذي نفسي بيده ، لولا يد كانت لك عندي -لم أجزك بها- لأجبتك . وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ويرمق أصحابه . فوالله ما انتخم النبي صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم . فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمر ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم ، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له . فرجع عروة إلى أصحابه ، فقال : أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك -كسرى ، وقيصر والنجاشي- والله إن رأيت ملكاً يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمداً . والله ما انتخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده . ثم أخبرهم بجميع ما تقدم، ثم قال : وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها . فقال رجل من بني كنانة : دعوني آته ، فقالوا: ائته . فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : هذا فلان ، وهو من قوم يعظمون البدن ، فابعثوها له، ففعلوا . واستقبله القوم يلبون ، فلما رأى ذلك، قال : سبحان الله ! ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت ، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم . فبينا هم كذلك إذ جاء سهيل بن عمرو ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد سهل لكم من أمركم ، فقال : هات اكتب بيننا وبينك كتاباً ، فدعا الكاتب -وهو علي بن أبي طالب- فقال : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل : أما الرحمن ، فما أدري ما هو ؟ ولكن اكتب : باسمك اللهم كما كنت تكتب . فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال صلى الله عليه وسلم : اكتب : باسمك اللهم ، ثم قال : اكتب : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقال سهيل : والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال : إني رسول الله ، وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به ، فقال سهيل : والله لا تحدث العرب أننا أخذنا ضغطة ، ولكن ذاك من العام المقبل ، فكتب . فقال سهيل : وعلى أن لا يأتيك رجل منا ، وإن كان على دينك ، إلا رددته إلينا، فقال المسلمون : سبحان الله ! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً ؟ . فبينا هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل ، وقد خرج من أسفل مكة يرسف في قيوده ، حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين ، فقال سهيل : هذا يا محمد! أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنا لم نقض الكتاب بعد، فقال : إذاً والله لا أصالحك على شئ أبداً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فأجزه لي، قال : ما أنا بمجيزه لك . قال : بلى، فافعل، قال : ما أنا بفاعل . قال أبو جندل : يا معشر المسلمين ! كيف أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما لقيت ؟ -وكان قد عذب في الله عذاباً شديداً- قال عمر بن الخطاب : والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ . فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ! ألست نبي الله ؟ قال : بلى، قلت : ألسنا على الحق ، وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى . قلت : علام نعطى الدنية في ديننا ؟ ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبين أعدائنا ؟ فقال : إني رسول الله ، وهو ناصري ، ولست أعصيه . قلت : ألست كنت تحدثنا : أنا نأتي البيت ، ونطوف به . قال : بلى ، أفاخبرتك أنك تأتيه العام ؟ قلت : لا، قال : فإنك آتيه ومطوف به . قال : فأتيت أبا بكر ، فقلت له مثلما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورد علي كما رد علي رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء ، وزاد : فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق، فعملت لذلك أعمالاً . فلما فرغ من قضية الكتاب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : قوموا فانحروا، ثم احلقوا، قال : فوالله ما قام منهم رجل ، حتى قالها ثلاث مرات . فلما لم يقم منهم أحد ، قام ولم يكلم أحداً منهم حتى نحر بدنه ودعا حالقه . فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً. ثم جاء نسوة مؤمنات ، فأنزل الله : " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن " حتى بلغ : " بعصم الكوافر "، فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك. وفي مرجعه صلى الله عليه وسلم : أنزل الله سورة الفتح : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " الآية ، فقال عمر : أو فتح هو يا رسول الله ؟ قال : نعم ، قال الصحابة : هذا لك يا رسول الله ، فما لنا ؟ فأنزل الله : " هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم " الآيتين إلى قوله : " فوزا عظيما " . ولما رجع إلى المدينة جاءه أبو بصير -رجل من قريش- مسلماً ، فأرسلوا في طلبه رجلين ، وقالوا : العهد الذي بيننا وبينك ، فدفعه إلى الرجلين ، فخرجا به ، حتى بلغا ذا الحليفة . فنزلوا يأكلون من تمر لهم . فقال أبو بصير لأحدهما: إني أرى سيفك هذا جيداً. فقال: أجل ، والله إنه لجيد ، لقد جربت به ثم جربت ، فقال : أرني أنظر إليه ، فأمكنه به ، فضربه حتى برد ، وفر الآخر ، حتى بلغ المدينة ، فدخل المسجد . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد رأى هذا ذعراً، فلما انتهى إليه ، قال : قتل والله صاحبي، وإني لمقتول . فجاء أبو بصير ، فقال : يا نبي الله ! قد أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم فأنجاني الله منهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : ويل أمه مسعر حرب ، لو كان له أحد . فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم ، فخرج حتى أتى سيف البحر، وتفلت منهم أبو جندل ، فلحق بأبي بصير ، فلا يخرج من قريش رجل -قد أسلم- إلا لحق به ، حتى اجتمعت منهم عصابة . فوالله ما يسمعون بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها ، فقاتلوهم وأخذوا أموالهم ، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم ، فمن أتاه منهم فهو آمن
غزوة الفتح الأعظم

يتبع


عدل سابقا من قبل د.حسن نعيم إبراهيم في الثلاثاء مايو 17, 2022 5:00 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ashtarpress.blogspot.com/
د.حسن نعيم إبراهيم
المدير العام
المدير العام
د.حسن نعيم إبراهيم


عدد المساهمات : 401
تاريخ التسجيل : 28/04/2016
العمر : 68

قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم )   قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم ) Emptyالإثنين مايو 02, 2016 3:52 pm


غزوة الفتح الأعظم
وكانت سنة ثمان في رمضان . وسببها : أن بكراً أعدت على خزاعة على مائهم الوتير فبيتوهم ، وقتلوا منهم . وكان في صلح الحديبية: أن من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش فعل، فدخلت بنو بكر في عقد قريش، ودخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم إن بني بكر وثبوا على خزاعة ليلاً بماء ، يقال له : الوتير ، قريباً من مكة . وأعانت قريش بني بكر بالسلاح ، وقاتل معهم بعضهم مستخفياً ليلاً ، حتى لجأت خزاعة إلى الحرم . فلما انتهوا إليه قالت بنو بكر لنوفل بن معاوية الديلي -وكان يومئذ قائدهم- يا نوفل ! إنا قد دخلنا الحرم إلهك إلهك . فقال كلمة عظيمة : لا إله له اليوم ، يا بني بكر ! أصيبوا ثأركم. فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم . أفلا تصيبون ثأركم فيه ؟ فخرج عمرو بن سالم الخزاعي ، حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فوقف عليه ، وهو جالس في المسجد بين ظهراني أصحابه ؟ فقال
يا رب إني ناشد محمدا
حلف أبينا وأبيه الأتلدا
قد كنتمو ولداً وكنا والدا
ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا
فأنصر هداك الله نصراً أبداً
وأدع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجردا
أبيض مثل البدر يسمو صعدا
إن سيم خسفاً وجهه تربدا
في فيلق كالبحر يجري مزبدا
إن قريشاً أخلفوك الموعدا
ونقضوا ميثاقك المؤكدا
وجعلوا لي في كداء رصدا
وزعموا أن لست أدعو أحدا
وهم أذل وأقـل عـددا
هم بيتونا بالوتير هجدا
وقتلونا ركعاً وسجدا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نصرت يا عمرو بن سالم . ثم خرج بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة ، حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فأخبروه بما أصيب منهم ، وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس : كأنكم بأبي سفيان قد جاءكم ليشد العقد ، ويزيد في المدة ، بعثته قريش ، وقد رهبوا للذي صنعوا . ثم قدم أبو سفيان ، فدخل على ابنته أم حبيبة ، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته عنه ، فقال : يا بنية ، ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش ، أم رغبت به عني ؟ قالت : بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنت مشرك نجس . فقال : والله لقد أصابك بعدي شر . ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلمه ، فلم يرد عليه شيئاً . ثم ذهب إلى أبي بكر، فكلمه في أن يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: ما أنا بفاعل ، ثم أتى عمر ، فقال : أنا أشفع لكم ؟ والله لو لم أجد إلا الذر ، لجاهدتكم به. ثم دخل على علي ، وعنده فاطمة -والحسن غلام يدب بين يديها- فقال : يا علي ! إنك أمس القوم بي رحماً ، وإني جئت في حاجة ، فلا أرجعن خائباً ، اشفع لي إلى محمد ؟ فقال : قد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ، ما نستطيع أن نكلمه فيه . فقال لفاطمة : هل لك أن تأمري ابنك هذا ، فيجير بين الناس ، فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر ؟ فقالت : ما يبلغ ابني ذلك ، وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : يا أبا الحسن ، إني رأيت الأمور قد اشتدت علي ، فانصحني. قال : والله ما أعلم شيئا يغني عنك . ولكنك سيد بني كنانة، فقم وأجر بين الناس ، ثم الحق بأرضك. فقال : أو ترى ذلك مغنياً عني شيئا؟ قال : لا، والله ما أظنه ، ولكن ما أجد لك غير ذلك . فقام أبو سفيان في المسجد ، فقال : يا أيها الناس ، إني قد أجرت بين الناس . ثم ركب بعيره . وانصرف عائداً إلى مكة ، فلما قدم على قريش قالوا : ما وراءك ؟ قال : جئت محمداً فكلمته ، فوالله ما رد علي شيئاً ، ثم جئت ابن أبي قحافة ، فلم أجد فيه خيراً. ثم جئت عمر بن الخطاب ، فوجدته أدنى العدو -يعني :أعدى العدو- ثم جئت علياً فوجدته ألين القوم ، وقد أشار علي بكذا وكذا ، ففعلت . قالوا : فهل أجاز ذلك محمد؟ قال : لا، قالوا : ويلك ، والله إن زاد الرجل على أن لعب بك . وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز ، وقال : اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش ، حتى نبغتها في بلادها . فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش كتاباً ، يخبرهم فيه بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودفعه إلى سارة -مولاة لبني عبد المطلب- فجعلته في رأسها ، ثم فتلت عليه قرونها ، وأتى الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من السماء ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً والزبير إلى المرأة ، فأدركاها بـ روضة خاخ . فأنكرت ، ففتشا رحلها ، فلم يجدا فيه شيئاً ، فهدداها ، فأخرجته من قرون رأسها، فأتيا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعا حاطباً ؟ فقال : ما هذا يا حاطب؟ فقال : لا تعجل علي يا رسول الله ! والله إني لمؤمن بالله ورسوله ، ما ارتددت ولا بدلت ، ولكني كنت امرءاً ملصقاً في قريش ، لست من أنفسهم ، ولي فيها أهل وعشيرة وولد ، وليس فيهم قرابة يحمونهم ، وكان من معك لهم قرابات يحمونهم ، فأحببت أن أتخذ عندهم يداً ، قد علمت أن الله مظهر رسوله ، ومتم له أمره . فقال عمر: يا رسول الله ! دعني أضرب عنقه ، فإنه قد خان الله ورسوله ، وقد نافق ، "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه شهد بدراً وما يدريك يا عمر ؟ لعل الله أطلع على أهل بدر ، فقال : أعملوا ما شئتم ، فقد غفرت لكم"، فذرفت عينا عمر ، وقال : الله ورسوله أعلم . ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمى الله الأخبار عن قريش ، لكنهم على وجل ، فكان أبو سفيان يتجسس ، هو وحكيم بن حزام ، وبديل بن ورقاء . وكان العباس قد خرج قبل ذلك بأهله وعياله مسلماً مهاجراً ، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة . فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران نزل عشاء ، فأمر الجيش فأوقدوا النيران . فأوقد أكثر من عشرة آلاف نار ، فركب العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخرج يلتمس ، لعله يجد بعض الحطابة ، أو أحداً يخبر قريشاً ، ليخرجوا يستأمنون رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخلها عنوة . قال : فوالله إني لأسير عليها، إذ سمعت كلام أبي سفيان ، وبديل ، يتراجعان ، يقول أبو سفيان : ما رأيت كالليلة نيراناً قط ولا عسكراً . قال : يقول بديل : هذه والله خزاعة، حمشتها الحرب . قال : يقول أبو سفيان: خزاعة أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها . فقلت : أبا حنظلة !؟ فعرف صوتي ، فقال : أبا الفضل !؟ قلت : نعم ، قال : ما لك ، فداك أبي وأمي ؟ قال : قلت : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس واصباح قريش والله ، قال : فما الحيلة ؟ قلت : والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك ، فاركب في عجز هذه البغلة ، حتى آتيه بك ، فأستأمنه لك . فركب خلفي ، ورجع صاحباه ، فجئت به ، فكلما مررت بنار من نيران المسلمين ، قالوا . من هذا ؟ فإذا رأونا قالوا: عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته ، حتى مررت بنار عمر ، فقال : من هذا ؟ وقام إلي فلما رأى أبا سفيان ، قال : عدو الله ؟ الحمد لله الذي أمكن الله منك بغير عقد ولا عهد . ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وركضت البغلة فسبقته ، واقتحمت عنها ، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودخل عليه عمر . فقال : يا رسول الله ! هذا أبو سفيان ، قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد ، فدعني أضرب عنقه . فقلت : يا رسول الله ! إني قد أجرته . فلما أكثر عمر ، قال : مهلاً يا عمر ، فوالله لو كان من بني عدي بن كعب ما قلت هذا . قال : مهلاً يا عباس ! فوالله لإسلامك كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم ، وما بي إلا أني عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذهب به يا عباس إلى رحلك ، فإذا أصبحت فائتني به. ففعلت . ثم غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : ويحك يا أبا سفيان ! ألم يأن لك أن تعلم : أن لا إله إلا الله ؟، قال : بأبي أنت وأمي ، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك!! والله لقد ظننت أن لو كان بالله غيره لقد أغنى عني شيئاً بعد . قال : ويحك يا أبا سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم : أني رسول الله ؟، قال : بأبي أنت وأمي ، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك . أما هذه ففي النفس حتى الآن منها شئ . فقال له العباس : ويحك . أسلم قبل أن يضرب عنقك . قال : فشهد شهادة الحق ، فأسلم . فقال العباس : إن أبا سفيان رجل يحب الفخر ، فاجعل له شيئاً . قال : نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن . فلما ذهب لينصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عباس ! أحبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل ، حتى تمر به جنود الله فيراها، قال : فخرجت حتى حبسته . ومرت القبائل على راياتها ، حتى مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء -لكثرة الحديد وظهوره فيها- فيها المهاجرون والأنصار- لا يرى منهم إلا الحدق ، فقال : سبحان الله ! يا عباس ! من هؤلاء ؟ قلت : هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار ، قال : ما لأحد بهؤلاء طاقة . وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة ، فلما مر بأبي سفيان ، قال : اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة . اليوم أذل الله قريشاً . فذكره أبو سفيان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : كذب سعد . ولكن هذا اليوم يوم تعظم فيه الكعبة ، اليوم أعز الله قريشاً ، ثم نزع اللواء من سعد، ودفعه إلى قيس ابنه . ومضى أبو سفيان ، فلما جاء قريشاً صرخ بأعلى صوته : هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن . قالوا : قاتلك الله ، وما تغني عنا دارك ؟ قال : ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ؟ فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد . وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل مكة من أعلاها ، وأمر خالد بن الوليد، فدخلها من أسفلها ، وقال :إن عرض لكم أحد من قريش فأحصدوهم حصداً ، حتى توافوني على الصفا، فما عرض لهم أحد إلا أناموه . وتجمع سفهاء قريش مع عكرمة بن أبي جهل ، وصفوان بن أمية ، وسهيل بن عمرو ، بالخندمة ليقاتلوا ، وكان حماس بن قيس يعد سلاحاً قبل مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت له امرأته : والله ما يقوم لمحمد وأصحابه شئ ، فقال : والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم ، ثم قال : إن يقبلوا اليوم فما لي عله هذا سلاح كامل وأله وذو غرارين سريع السله ثم شهد الخندمة ، فلما لقيهم المسلمون من أصحاب خالد بن الوليد : ناوشوهم شيئاً من قتال ، فأصيب من المشركين اثني عشر، ثم انهزموا ، فدخل حماس على امرأته ، فقال : أغلقي علي بابي ، فقالت : وأين ما كنت تقول ؟ فقال
إنك لو شهدت يوم الخندمه
إذ فر صفوان وفر عكرمه
وأبو يزيد قائم كالمؤتمه
واستقبلتنا بالسيوف المسلمه
يقطعن كل ساعد وجمجمه
ضرباً فلا يسمع إلا غمغمه
لهم نهيت خلفنا وهمهمه
لم تنطفي باللوم أدنى كلمه
وقال أبو هريرة : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكة ، فبعث الزبير على إحدى المجنبتين ، وبعث خالداً على المجنبة الأخرى ، وبعث أبا عبيدة بن الجراح على الحسر . فأخذوا بطن الوادي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته. وقد وبشت قريش أوباشها ، وقالوا : نقدم هؤلاء ، فإذا كان لهم شئ كنا معهم ، وإن أصيبوا أعطيناه الذي سألنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة، فقلت : لبيك يا رسول الله ! قال :اهتف لي بالأنصار ، ولا يأتيني إلا أنصاري ، فهتفت بهم ، فجاؤوا فأطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أترون إلى أوباش قريش وأتباعهم ؟ -ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى- أحصدوهم حصداً ، حتى توافوني على الصفا. قال أبو هريرة : فانطلقنا ، فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم ما شاء إلا قتل . وركزت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجون عند مسجد الفتح . ثم نهض والمهاجرون والأنصار بين يديه وخلفه وحوله ، حتى دخل المسجد . فأقبل إلى الحجر فاستلمه ، ثم طاف بالبيت ، وفي يده قوس ، وحول البيت وعليه ثلاثمائة وستون صنماً فجعل يطعنها بالقوس ، ويقول : " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " ، " جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد " ، والأصنام تتساقط على وجوهها . وكان طوافه على راحلته ، ولم يكن محرماً يومئذ ، فاقتصر على الطواف ، فلما أكمله دعا عثمان بن طلحة ، فأخذ منه مفتاح الكعبة ، فأمر بها ففتحت ، فدخلها . فرأى فيها الصور ، ورأى صورة إبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام . فقال :قاتلهم الله، والله إن استقسما بها قط ، وأمر بالصور فمحيت . ثم أغلق عليه الباب ، هو وأسامة ، وبلال ، فاستقبل الجدار الذي يقابل الباب ، حتى إذا كان بينه وبينه قدر ثلاثة أذرع وقف وصلى هناك . ثم دار في البيت . وكبر في نواحيه ، ووحد الله . ثم فتح الباب ، وقريش قد ملأت المسجد صفوفاً ، ينظرون ماذا يصنع بهم ؟ فأخذ بعضادتي الباب ، وهم تحته . فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده -ألا كل مأثرة ، أو مال، أو دم، فهو تحت قدمي هاتين ، إلا سدانة البيت ، وسقاية الحاج . ألا وقتل الخطإ شبه العمد -السوط والعصا- ففيه الدية مغلظة ، مائة من الإبل ، أربعون منها في بطونها أولادها . يا معشر قريش ! إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية ، وتعظمها بالآباء . الناس من آدم ، وآدم من تراب، ثم تلا هذه الاية : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير " . ثم قال : "يا معشر قريش ! ما ترون أني فاعل بكم ؟ قالوا: خيراً ، أخ كريم. وابن أخ كريم ، قال : فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته : لا تثريب عليكم اليوم ، اذهبوا فأنتم الطلقاء" . ثم جلس في المسجد ، فقام إليه علي -ومفتاح الكعبة في يده- فقال : يا رسول الله ! اجمع لنا الحجابة مع السقاية . صلى الله عليك . فقال صلى الله عليه وسلم : أين عثمان بن طلحة ، فدعي له ، فقال : هاك مفتاحك يا عثمان ! اليوم يوم بر ووفاء . وأمر بلالاً أن يصعد على الكعبة فيؤذن -وأبو سفيان بن حرب، وعتاب بن أسيد، والحارث بن هشام، وأشراف قريش جلوس بفناء الكعبة- فقال عتاب : لقد أكرم الله أسيداً أن لا يكون سمع هذا . فقال الحارث : أما والله لو أعلم أنه حق لاتبعته . فقال أبو سفيان : لا أقول شيئاً ، لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصباء . فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : قد علمت الذي قلتم ، ثم ذكر ذلك لهم . فقال الحارث وعتاب : نشهد أنك رسول الله ، والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا ، فنقول : أخبرك . ثم دخل صلى الله عليه وسلم دار أم هانىء ، فاغتسل ، وصلى ثمان ركعات ، صلاة الفتح ، وكان أمراء الإسلام إذا افتتحوا بلداً صلوا هذه الصلاة . ولما استقر الفتح : أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس كلهم ، إلا تسعة نفر ، فإنه أمر بقتلهم ، وإن وجدوا تحت أستار الكعبة : عبد الله بن أبي سرح ، وعكرمة بن أبي جهل ، وعبد العزى بن خطل ، والحارث بن نفيل ، ومقيس بن صبابة ، وهبار بن الأسود ، وقينتان لابن خطل ، وسارة مولاة لبعض بني عبد المطلب . فأما ابن أبي سرح : فجاء فاراً إلى عثمان ، فاستأمن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقبل منه ، بعد أن أمسك عنه، رجاء أن يقوم إليه بعض الصحابة فيقتله . وأما عكرمة : فاستأمنت له امرأته بعد أن هرب ، وعادت به . فأسلم وحسن إسلامه . وأما ابن خطل ، ومقيس ، والحارث ، وإحدى القينتين : فقتلوا . وأما هبار : ففر ثم جاء فأسلم ، وحسن إسلامه . واستؤمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لسارة ، ولإحدى القينتين ، فأسلمتا . فلما كان الغد من يوم الفتح :"قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ؟ ثم قال : أيها الناس ! إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض [فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة] ، فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر : أن يسفك بها دماً ، أو يعضد بها شجرة . فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له : إن الله أذن لرسوله ، ولم يأذن لك . وإنما أحلت لي ساعة من نهار ..." . وهم فضالة بن عمير بن الملوح الليثي أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يطوف . فلما دنا منه ، قال : أفضالة؟ قال : نعم فضالة يا رسول الله ! قال : ماذا تحدث به نفسك ؟، قال : لا شئ ، كنت أذكر الله ، فضحك صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : استغفر الله ، ثم وضع يده على صدره ، فسكن قلبه . وكان فضالة يقول : والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شئ أحب إلي منه ، قال فضالة : فرجعت إلى أهلي ، فمررت بامرأة كنت أتحدث إليها ، فقالت : هلم إلى الحديث . فقال : لا. وانبعث فضالة يقول
قالت هلم إلى الحديث
فقلت:
لايأبى الإله عليك والإسلام
لو قد رأيت محمداً وقبيله
بالفتح يوم تكسر الأصنام
لرأيت دين الله أضحى بيناً
والشرك يغشى وجهه الإظلام
وفر يومئذ صفوان بن أمية ، وعكرمة بن أبي جهل ، فاستأمن عمير بن وهب رسول الله لصفوان ، فلحقه ، وهو يريد أن يركب البحر فرده . واستأمنت أم حكيم بنت الحارث بن هشام لزوجها عكرمة ، فلحقت به باليمن فردته . ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم تميم بن أسيد الخزاعي ، فجدد أنصاب الحرم . وبث صلى الله عليه وسلم سراياه إلى الأوثان التي كانت حول مكة ، فكسرت كلها ، منها : اللات ، والعزى ، ومناة . ونادى مناديه بمكة : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر : فلا يدع في بيته صنماً إلا كسره
ما بعد فتح مكة
لما أتم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه فتح مكة اقتضت حكمة الله أن أمسك قلوب هوازن عن الإسلام ، لتكون غنائمهم شكراناً لأهل الفتح ، وليظهر حزبه على الشوكة التي لم يلق المسلمون مثلها ، فلا يقاومهم أحد بعد من العرب . وأذاق المسلمين أولاً مرارة الكسرة ، مع قوة شوكتهم، ليطامن رؤوساً رفعت بالفتح ، ولم تدخل حرمه كما دخله رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعاً رأسه ، منحنياً على فرسه ، حتى إن ذقنه ليكاد يمس قربوس سرجه تواضعاً لربه . وليبين سبحانه -لمن قال : لن نغلب اليوم عن قلة- أن النصر إنما هو من عنده سبحانه ، وأن من يخذله فلا ناصر له غيره . وأنه سبحانه الذي تولى نصر دينه ، لا كثرتكم . فلما انكسرت قلوبهم ، أرسل إليها خلع الجبر مع بريد النصر " ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها " ، وقد اقتضت حكمته أن خلع النصر إنما تفيض على أهل الانكسار:" ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين"الآية
حجة الوداع
فلما دخل ذو القعدة ، تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم للحج ، وأمر الناس بالجهاز له ، وأمرهم أن يلقوه. فخرج معه من كان حول المدينة وقريباً منها . وخرج المسلمون من القبائل القريبة والبعيدة حتى لقوه في الطريق ، وفي مكة ، وفي منى وعرفات . وجاء علي من اليمن مع أهل اليمن ، وهي حجة الوداع . فخرج لها لخمس بقين من ذي القعدة في آخر سنة عشر ، فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وساق معه الهدي . فأرى الناس مناسكهم، وعلمهم سنن حجهم، وهو يقول لهم ويكرر عليهم القول :يا أيها الناس ! خذوا عني مناسككم، فلعلكم لا تلقوني بعد عامكم هذا . ولما كان بمنى خطب الناس خطبته التي بين فيها ما بين ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :"أيها الناس ، اسمعوا قولي، فإني لا أدري ، لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا . أيها الناس ، إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم . وكل رباً موضوع ، وأول رباً أضعه : ربا العباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله . وإن كل دم في الجاهلية موضوع ، وأول دم أضعه دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، وإني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به ما لن تضلوا بعده كتاب الله وسنتي فمن رغب عن سنتي قليس مني وأنتم مسؤولون عني ، فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت ، وأديت ، ونصحت . فجعل يرفع إصبعه إلى السماء ، وينكبها إليهم ، ويقول : اللهم اشهد -ثلاث مرات" . وكانت هذه الحجة تسمى حجة الوداع ، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعدها . فلما انقضى حجه ، رجع إلى المدينة ، فأقام صلى الله عليه وسلم بقية ذي الحجة والمحرم وصفر . ثم ابتدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه الذي مات فيه في آخر صفر
مرض رسول الله
قال ابن إسحاق : حدثت عن أسامة ، قال : لما ثقل برسول الله صلى الله عليه وسلم ، هبطت وهبط الناس معي إلى المدينة ، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أصمت ، فلا يتكلم . وجعل يرفع يده إلى السماء ثم يضعها علي ، أعرف أنه يدعو لي . قال ابن إسحاق : وحدث عن أبي مويهبة ! مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل ، فقال : يا أبا مويهبة ! قد أمرت أن أستغفر لأهل هذا البقيع ، فانطلق معي . فانطلقت معه ، فلما وقف عليهم ، قال : السلام عليكم - يا أهل المقابر ! ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه . أقبلت الفتن مثل قطع الليل المظلم ، يتبع آخرها أولها ، الآخرة شر من الأولى . ثم أقبل علي ، فقال : إني قد أعطيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة . فقلت : بأبي أنت وأمي ، فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ، ثم الجنة قال : لا والله ، يا أبا مويهبة! قد اخترت لقاء ربي والجنة . ثم استغفر لأهل البقيع ، ثم انصرف. فبدأ به وجعه ، فلما استعز به ، دعا نساءه فاستأذنهن : أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها ، فأذن له . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال:"إن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ذلك العبد ما عند الله" فبكى أبو بكر ، فتعجبنا لبكائه : أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير ! فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير . وكان أبو بكر أعلمنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أمن الناس علي في صحبته وماله : أبو بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً -غير ربي- لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن أخوة الإسلام ومودته . لا يبقين في المسجد باب إلا سد ، إلا باب أبي بكر" . وفي الصحيح : "أن ابن عباس وأبا بكر مرا بمجلس للأنصار ، وهم يبكون. فقالا: ما يبكيكم ؟ قالوا : ذكرنا مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم منا ، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك ، فخرج ، وقد عصب على رأسه بحاشية برد . فصعد المنبر -ولم يصعده بعد ذلك اليوم- فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أوصيكم بالأنصار خيراً ، فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم ، وبقي الذي لهم . فاقبلوا من محسنهم ، وتجاوزوا عن مسيئهم" ، وفي الصحيح عن أبي موسى الأشعري قال : "اشتد مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : مروا أبا بكر ، فليصل بالناس. قالت عائشة : يا رسول الله ! إنه رجل رقيق ، إذا قام مقامك لا يسمع الناس ، فلو أمرت عمر ؟ قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، فعادت . فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، فإنكن صواحب يوسف ، فأتاه الرسول . فصلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : ووالله ما أقول إلا أني أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر ، وعرفت أن الناس لا يحبون رجلاً قام مقامه أبداً ، وأن الناس سيتشاءمون به في كل حدث كان
موت رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الزهري : حدثني أنس قال : "كان يوم الإثنين الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خرج إلى الناس ، وهم يصلون الصبح ، فرفع الستر وفتح الباب . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام على باب عائشة . فكاد المسلمون يفتتنون في صلاتهم -فرحاً به ، حين رأوه ، وتفرجوا عنه- فأشار إليهم : أن اثبتوا على صلاتكم ، قال : وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سروراً ، لما رأى من هيأتهم في صلاتهم . وما رؤي أحسن منه هيئة تلك الساعة . قال : ثم رجع ، وانصرف الناس ، وهم يرون أنه قد أفرق من وجعه . وخرج أبو بكر إلى أهله بالسنح . فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى من ذلك اليوم" . قال ابن إسحاق : قال الزهري : حدثني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : "لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر ، فقال : إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما مات، ولكنه قد ذهب إلى ربه ، كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع إليهم بعد أن قيل مات. ووالله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد حين ، كما رجع موسى ، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنه قد مات" . قال : وأقبل أبو بكر ، حتى نزل على باب المسجد . حين بلغه الخبر -وعمر يكلم الناس- فلم يلتفت إلى شئ ، حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى في ناحية البيت ، عليه بردة حبرة . فأقبل حتى كشف عن وجهه . ثم أقبل عليه فقبله . ثم قال : بأبي أنت وأمي ، أما الموتة التي كتبها الله عليك فقد ذقتها ، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبداً . ثم رد البرد على وجهه . وخرج -وعمر يكلم الناس- فقال : على رسلك يا عمر ، أنصت ، فأبى إلا أن يتكلم . فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس . فلما سمع الناس كلام أبي بكر أقبلوا عليه ، وتركوا عمر . فحمد الله تعالى ، وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إنه من كان يعبد محمداً ، فإن محمداً قد مات . ومن كان يعبد الله تعالى ، فإن الله حي لا يموت . ثم تلا هذه الآية : " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين " . قال : فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت ، حتى تلاها أبو بكر يومئذ ، قال : وأخذها الناس عن أبي بكر ، فإنما هي في أفواههم . قال أبو هريرة : "فقال عمر : فو الله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها ، فعثرت حتى وقعت على الأرض ، ما تحملني رجلاي ، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات" . فكنت أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ashtarpress.blogspot.com/
 
قصة سيدنا محمد (صلى الله عليع وسلم )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اللهم صل وسلم على سيدنا محمد
» قال ابن الجوزي رحمه الله
» الرحلة المجنونه .. بقلم الأستاذ / محمد أبو الفتح
» سيدنا الخضر
» سيدنا سليمان والخيل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات عشتار برس الثقافية :: مقهى عشتار (الدين والحياة )-
انتقل الى: