د.حسن نعيم إبراهيم المدير العام
عدد المساهمات : 401 تاريخ التسجيل : 28/04/2016 العمر : 68
| موضوع: قصة اصحاب الفيل الأحد مايو 08, 2016 8:23 am | |
| أصحاب الفيل ورد ذكر القصة في سورة الفيل . كانت اليمن تابعة للنجاشي ملك الحبشة . وقام والي اليمن (أبرهة) ببناء كنيسة عظيمة ، وأراد أن يغيّر وجهة حجّ العرب . فيجعلهم يحجّون إلى هذه الكنيسة بدلاً من بيت الله الحرام . فكتب إلى النجاشي : إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك , ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب . إلا أن العرب أبوا ذلك ، وأخذتهم عزتهم بمعتقداتهم وأنسابهم . فهم أبناء إبراهيم وإسماعيل ، فكيف يتركون البيت الذي بناه آباءهم ويحجّوا لكنيسة بناها نصراني ! وقيل أن رجلاً من العرب ذهب وأحدث في الكنيسة تحقيراً لها . كما أن بنو كنانة قتلوا رسول أبرهة الذي جاء يطلب منهم الحج للكنيسة فعزم أبرهة على هدم الكعبة . وجهّز جيشاً جراراً ، ووضع في مقدمته فيلاً مشهوراً عندهم يقال أن اسمه محمود . فعزمت العرب على قتال أبرهة . وكان أول من خرج للقاءه ، رجل من أشراف من اليمن يقال له ذو نفر . دعا قومه فأجابوه ، والتحموا بجيش أبرهة . لكنه هُزِم وسيق أسيراً إلى أبرهة . ثم خرج نفيل بن حبيب الخثعمي ، وحارب أبرهة . فهزمهم أبرهة وأُخِذَ نفيل أسيراً ، وصار دليلاً لجيش أبرهة . حتى وصلوا للطائف ، فخرج رجال من ثقيف ، وقالوا لأبرهة إن الكعبة موجودة في مكة حتى لا يهدم بيت اللات الذي بنوه في الطائف وأرسلوا مع الجيش رجلاً منهم ليدلّهم على الكعبة وكان اسم الرجل أبو رغال . توفي في الطريق ودفن فيها ، وصار قبره مرجماً عند العرب . فقال الشاعر وأرجم قبره في كل عام * * * كرجم الناس قبر أبي رغال وفي مكان يسمى المغمس بين الطائف ومكة ، أرسل أبرهة كتيبة من جنده ، ساقت له أموال قريش وغيرها من القبائل . وكان من بين هذه الأموال مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم ، كبير قريش وسيّدها . فهمّت قريش وكنانة وهذيل وغيرهم على قتال أبرهة . ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به فتركوا ذلك . وبعث أبرهة رسولاً إلى مكة يسأل عن سيد هذا البلد , ويبلغه أن الملك لم يأت لحربهم وإنما جاء لهدم هذا البيت , فإن لم يتعرضوا له فلا حاجة له في دمائهم ! فإذا كان سيد البلد لا يريد الحرب جاء به إلى الملك . فلما أخبر رسول أبرهة عبد المطلب برسالة الملك ، أجابه : والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة . هذا بيت الله الحرام . وبيت خليله إبراهيم عليه السلام . فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه , وإن يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه . ثم انطلق عبد المطلب مع الرسول لمحادثة أبرهة . وكان عبد المطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم . فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه , وأكرمه عن أن يجلسه تحته , وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه . فنزل أبرهة عن سريره , فجلس على بساطه وأجلسه معه إلى جانبه ثم قال لترجمانه : قل له : ما حاجتك ? فقال : حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي . فلما قال ذلك , قال أبرهة لترجمانه : قل له : قد كنت أعجبتني حين رأيتك , ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ! أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه ? قال له عبد المطلب : إني أنا رب الإبل وإن للبيت رب سيمنعه . فاستكبر أبرهة وقال : ما كان ليمتنع مني . قال : أنت وذاك ! فردّ أبرهة على عبد المطلب إبله . ثم عاد عبد المطلب إلى قريش وأخبرهم بما حدث ، وأمرهم بالخروج من مكة والبقاء في الجبال المحيطة بها . ثم توجه هو ورجال من قريش إلى الكعبة وأمسك حلقة بابها ، وقاموا يدعون الله ويستنصرونه . ثم ذهب هو ومن معه إلى الجبل وأمر أبرهة جيشه والفيل في مقدمته بدخول مكة . إلا أن الفيل برك ولم يتحرك . فضربوه ووخزوه ، لكنه لم يقم من مكانه . فوجّهوه ناحية اليمن ، فقام يهرول . ثم وجّهوه ناحية الشام ، فتوجّه . ثم وجّهوه جهة الشرق ، فتحرّك . فوجّهوه إلى مكة فَبَرَك . ثم كان ما أراده الله من إهلاك الجيش وقائده , فأرسل عليهم جماعات من الطير ، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار : حجر في منقاره , وحجران في رجليه , أمثال الحمص والعدس , لا تصيب منهم أحداً إلا هلك . فتركتهم كأوراق الشجر الجافة الممزقة . فهاج الجيش وماج ، وبدأوا يسألون عن نفيل بن حبيب ، ليدلهم على الطريق إلى اليمن . فقال نفيل بن حبيب حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب : وقال أيضاً حمدت الله إذ أبصرت طيراً وخفت حجارة تلقى علينا فكل القوم يسأل عن نفيـل كأن علي للحبشان دينـا وأصيب أبرهة في جسده ، وخرجوا به معهم يتساقط لحمه قطعاً صغيرة تلو الأخرى ، حتى وصلوا إلى صنعاء , فما مات حتى انشق صدره عن قلبه كما تقول الروايات . إن لهذه القصة دلالات كثيرة . فأما دلالة هذا الحادث والعبر المستفادة من التذكير به فكثيرة . وأول ما توحي به أن الله - سبحانه - لم يرد أن يوكل حماية بيته إلى المشركين ، ولو أنهم كانوا يعتزون بهذا البيت , ويحمونه ويحتمون به . فلما أراد أن يصونه ويحرسه ويعلن حمايته له وغيرته عليه ترك المشركين يهزمون أمام القوة المعتدية . وتدخلت القدرة سافرة لتدفع عن بيت الله الحرام , حتى لا تكون للمشركين يد على بيته ولا سابقة في حمايته , بحميتهم الجاهلية . كذلك توحي دلالة هذا الحادث بأن الله لم يقدر لأهل الكتاب - أبرهة وجنوده - أن يحطموا البيت الحرام أو يسيطروا على الأرض المقدسة . حتى والشرك يدنسه , والمشركون هم سدنته . ليبقي هذا البيت عتيقاً من سلطان المتسلطين , مصوناً من كيد الكائدين والإيحاء الثالث هو أن العرب لم يكن لهم دور في الأرض . بل لم يكن لهم كيان قبل الإسلام . كانوا في اليمن تحت حكم الفرس أو الحبشة . وكانت دولتهم حين تقوم هناك أحياناً تقوم تحت حماية الفرس . وفي الشمال كانت الشام تحت حكم الروم إما مباشرة وإما بقيام حكومة عربية تحت حماية الرومان . ولم ينج إلا قلب الجزيرة من تحكم الأجانب فيه . ولكنه ظل في حالة تفكك لا تجعل منه قوة حقيقية في ميدان القوى العالمية . وكان يمكن أن تقوم الحروب بين القبائل أربعين سنة, ولكن لم تكن هذه القبائل متفرقة ولا مجتمعة ذات وزن عند الدول القوية المجاورة . وما حدث في عام الفيل كان مقياساً لحقيقة هذه القوة حين تتعرض لغزو أجنبي
| |
|